واشنطن ــ محمّد سعيد
العيون في لندن ستكون مفتوحة على كلّ كلمة أو إيماءة تصدر
عن رئيس الحكومة البريطاني غوردن براون خلال لقائه الرئيس الأميركي جورج بوش، لرصد أيّ تصدّع في «العلاقة الخاصّة» بين البلدين. وسيسيطر الترقّب لمعرفة ما إذا كان قاطن «10 داونينغ ستريت» الجديد، سيكون مثل سلفه طوني بلير متهاوناً وغير منتقد لبوش، بعدما أكّد أمس أنّ «العالم مدين للولايات المتّحدة في حربها على الإرهاب»


يبحث غوردن براون، الذي وصل إلى الولايات المتّحدة أمس، مع جورج بوش في منتجع كامب ديفيد في ولاية ميريلاند، قضايا العلاقات الثنائية والدور المحتمل لبريطانيا في الاجتماع الدولي الخاص بدعم السلطة الفلسطينية المتوقّع عقده في أيلول المقبل، إضافة إلى العراق ومصير المشاركة العسكرية البريطانية في احتلاله والبرنامج النووي الإيراني ودارفور وكوسوفو إلى جانب البحث في كيفية دعم الخطة الأميركية لنشر منظومة الدفاع الصاروخي في أوروبا الشرقية التي تعارضها روسيا.
ويقول محلّلون إنّ براون يتملّكه هاجس المصير السياسي الذي آل إليه سلفه طوني بلير، الذي ساهمت علاقته الوثيقة ببوش إلى إضعاف شعبيته وبالتالي إرغامة على التخلّي عن منصبه وزعامة حزب «العمال» الشهر الماضي. لذلك سيحاول الظهور نائياً بنفسه عن الرئيس الأميركي، لكن في الوقت نفسه الاحتفاظ بعلاقة سياسية كان قد طوّرها بلير وتعدّ حاسمة لمستقبل بريطانيا.
وقد أشاد براون بهذه العلاقات، عشيّة سفره إلى واشنطن، بالقول «لن نسمح لأيّ كان بأن يفصلنا عن الولايات المتحدة في التصدّي للتحديات المشتركة التي تواجهنا في العالم»، مضيفاً «نحن نعرف أنه لن يكون بمقدورنا حلّ أيّ من المشاكل الكبرى في العالم من دون الانخراط النشط للولايات المتحدة» التي «ستبقى الحليف الأقوى لنا».
وفيما بدا أنّ المباحثات تهدف أساساً إلى تلطيف الأجواء بعد تصريحات أدلى بها اثنان من وزرائه ولمّحا فيها إلى أن لندن في ظلّ إدارته الجديدة تنوي النأي بنفسها عن واشنطن، أوضح براون أنّ «العلاقة بين أيّ رئيس أميركي وأيّ رئيس وزراء بريطاني ستظلّ قوية، وأتطلّع للقاء بوش لمناقشة السبل التي تمكّننا من العمل معاً».
غير أنّ مراقبين يتوقّعون أن يحاول براون صياغة موقف مستقلّ نوعاً ما على الأقلّ في ما يتعلّق بالقضايا الرئيسية التي تواجهها الولايات المتحدة وبريطانيا في العراق وإيران وما يسمّى «الحرب على الإرهاب»، وخصوصاً مع شيوع مقولة إنّ «بوش لا يحظى بشعبية في بريطانيا»، على حدّ تعبير المحلّل السياسي البريطاني بيتر كيلر.
وفي حديث إلى الصحافيّين المرافقين له، قال براون أمس إنّ «هذا القرن أثبت أنّ القيادة للولايات المتّحدة»، التي بلورت «من خلال البسالة التي أبداها شعبها منذ هجمات 11 أيلول (2001)، أنّه فيما يمكن تدمير الأبنية، القيم تبقى ثابتة». وأضاف «لهذا السبب على العالم الاعتراف بجميل الولايات المتّحدة خلال قيادتها الحرب على الإرهاب العالمي».
وعن احتلال العراق، سيبحث براون مصير قوّاته في جنوب بلاد الرافدين، التي يصل عددها حالياً إلى 5500 جندياً، في وقت رجّح فيه قائد القوّات المسلّحة البريطانية السير جوك ستيراب تسليم محافظة البصرة الجنوبيّة بحلول نهاية العام الجاري، وهو أمر حذّر خبراء عسكريون من أنه ينذر بمزيد من المتاعب للولايات المتحدة.
وفي هذا الشأن، كشفت صحيفة «صاندي تايمز» البريطانية أنّ كبير مستشاري براون للسياسة الخارجية سايمون ماكدونالد حاول استطلاع رأي واشنطن في شأن إمكان الانسحاب المبكر خلال زيارة قام بها إلى واشنطن في وقت سابق من الشهر الجاري للتحضير لقمة بوش ـــــ براون.
وقالت الصحيفة إنّ ماكدونالد ترك انطباعاً يضع أساس محادثات براون، فيما يقوّم مسؤولون أميركيون، سرّاً، ما يعتقدون بأنّه إشارات إلى أن تغيير السياسة البريطانية فى العراق بات وشيكاً.
إلّا أنّ المتحدث باسم بروان، مايكل إيلام، نفى هذه الادعاءات، مؤكّدا للصحافيين أمس، أنّ ماكدونالد «أوضح جلياً للأميركيين أنّ موقف الحكومة البريطانية لم يتغير» في شأن انتشار القوّات في العراق.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «غارديان» البريطانية أوّل من أمس أنّ براون سيعيّن منسّق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط مايكل ويليامز مبعوثاً خاصاً به إلى تلك المنطقة.
وقد تعطي هذه الخطوة براون إمكان وضع بصمته الخاّصة على العملية السياسية في الشرق الأوسط، كما قد تمثّل تضارباً مع مهمّة مبعوث «الرباعيّة الدوليّة» (الولايات المتّحدة، روسيا، الاتّحاد الأوروبي والأمم المتّحدة) إلى المنطقة طوني بلير.