واشنطن ــ محمد سعيد
تصل وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس اليوم إلى القاهرة، المحطة الأولى من جولة تشمل السعودية والقدس المحتلة ورام الله، تهدف إلى دفع عملية التسوية العربية ـ الإسرائيلية وحشد الدعم للسلطة الفلسطينية إلى جانب البحث في مساعدة واشنطن على حل مأزق احتلالها للعراق، وما يقال عن مواجهة محتملة مع إيران


أعرب مساعدون لكوندوليزا رايس وروبرت غيتس عن شكوكهم إزاء ما قد تحققه جولة الوزيرين الأميركيين في ما يتعلق بأهدافها الثلاثة، وهي أهداف حاسمة للسياسة الخارجية للرئيس جورج بوش، في ضوء انهيار صدقية الولايات المتحدة في المنطقة؛ فهيبدلاً من تحقيق الاستقرار في العراق، قامت بتدميره وإثارة حرب مذهبية فيه، وعملت على تعزيز القوى الموالية لإيران وتمكينها من السلطة في بغداد، الأمر الذي زاد مخاوف حلفائها من دول الخليج العربي. كذلك أسهمت حربها على ما تسميه «الإرهاب» في تقوية التيارات والجماعات الجهادية. أما تدخلها في لبنان فقد ساهم في زعزعة استقراره.
وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية «إن صدقيتنا في حالة تمزق. إنهم (الزعماء العرب) لن يلتزموا لأنهم لا يثقون بنا. وهذا لا يعني أنهم غير قلقين من إيران، لكنه ببساطة يعني أنهم لا يعرفون ما الذي سنفعله».
ويقول خبراء أميركيون إن «هناك المزيد من الدلائل على حالة الفوضى والارتباك التي تسود إدارة بوش»، مشيرين إلى أن «التصريحات التي أدلى بها المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زاد، والتي انتقد فيها السعودية ودولاً عربية أخرى، لن تخدم رايس وغيتس» في لقاءاتهما مع القيادة السعودية أو في شرم الشيخ حيث سيجتمعان مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الست إضافة إلى وزيري خارجية مصر والأردن.
وأكد مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى أن «إدارة بوش منقسمة حيال إيران؛ ففي وقت يدفع فيه مكتب نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني باتجاه شن عدوان عسكري على إيران رداً على سياستها النووية ودعمها لحزب الله وبعض القوى (الشيعية) العراقية للعمل ضد القوات الأميركية، فإن مسؤولين أميركيين آخرين يحبذون اللجوء إلى الدبلوماسية في التعامل مع إيران والبحث عن صيغ للتعاون في العراق».
وقال مسؤولون في وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين، إن جولة رايس وغيتس «تهدف إلى إعادة طمأنة الزعماء العرب إلى أن الولايات المتحدة ستحافظ على التزاماتها الأمنية في المنطقة رغم المساعي التي يبذلها الديموقراطيون وبعض الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس لسحب القوات الأميركية من العراق».
غير أن الدول العربية لا تكتفي بمثل هذه التطمينات، إذ يقول دبلوماسيون عرب في واشنطن إنه «رغم التعهدات التي يعلنها بوش ورايس، فإنهم لم يروا حتى الآن خطة واضحة لتحقيق تسوية عادلة للصراع العربي ـــــ الإسرائيلي أو تحقيق الاستقرار الإقليمي». وأشار دبلوماسي عربي إلى أن «دول الخليج العربية تريد معرفة حجم الانسحاب الأميركي من العراق ومدى تأثيره على أمن هذه الدول، وما إذا كان سينسحب أيضاً على الوجود العسكري الأميركي في عموم منطقة الخليج، في وقت لا تبدو هذه الدول مقتنعة بامتلاك الولايات المتحدة استراتيجية متماسكة للتعامل مع إيران».
غير أن مسؤولين أميركيين يقولون إنهم «في المراحل الأولى لبناء تحالف مع دول الخليج العربية». وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) غوف موريل «قد يكون العراق صاحب التأثير المباشر لعدم الاستقرار، لكن إيران هي أمر نحتاج للتعامل معه إلى عمل جماعي على المدى الطويل».
وفي ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني، فإن الموقف الأميركي الحالي، الذي لا يقوم فقط على رفض التعامل مع «حماس»، بل على التعبئة والتحريض ضدها، لا يحظى برضى السعودية ومصر ودول أخرى، وهو ما قد يمثّل نقطة خلاف في مباحثات رايس في المنطقة.
وستعمل رايس وغيتس على تشجيع الزعماء العرب على المشاركة في اجتماع بوش الدولي. وتأمل الولايات المتحدة وإسرائيل، التي ستحضر المؤتمر، أن يشارك مسؤولون رفيعو المستوى من السعودية ودول الخليج العربية الأخرى والمغرب إلى جانب مصر والأردن. لكن مثل هذه المشاركة لا تزال مستبعدة.
وقال دبلوماسي عربي إن «المقترح الأميركي يبدو مجرد محاولة أخرى لجمع العرب مع الاسرائيلين امام الكاميرات. لكنه سيقتل المبادرة العربية ويضر بصدقية السعودية».
وفي الملف العراقي الداخلي، قال دبلوماسيون عرب لوكالة «يونايتد برس انترناشونال» إن السعودية والإمارات تبديان اعتراضات شديدة على حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي تريانه قريباً من إيران وترفضان رفضاً تاماً التعامل معه، بينما تتركز مواقف الدول الاخرى على تحسين أوضاع السنة العرب وحظوظهم في المشاركة في الحكم في العراق.
وقال دبلوماسي آخر إن «السياسة الأميركية مضطربة وترسل إشارات متناقضة، والعرب غير قادرين على حل طلاسمها».
وأشار الدبلوماسيون إلى مخاوف من أن يكون للزيارة هدف آخر هو تهيئة الأجواء لضربة أميركية محتملة لإيران إذا ما فشلت جهود إنهاء التوتر بشأن الملف النووي الإيراني والاتهامات الاميركية لها بالتدخل في العراق ولبنان وفلسطين.