نيويورك ــ نزار عبود
الخرطــوم: الفقــرات المسيئــة حُــذِفت والفصــل الســابع لحمــاية أفــرادها


أقرّ مجلس الامن الدولي امس نشر قوة مشتركة من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في إقليم دارفور المضطرب، مؤلفة من 26 الف جندي، مستخدما الفصل السابع في بعض فقراته، خاصة تلك المتعلقة باستخدام القوة دفاعا عن النفس ولضمان حرية الحركة لعمال المساعدات الانسانية ولحماية المدنيين الذين يتعرضون لهجوم.
ويرمي القرار، الذي قدمّته فرنسا وبريطانيا وتبنته سلوفاكيا وهولندا وبلجيكا وإيطاليا والبيرو، إلى إنهاء نزاع مسلح بين العديد من الفصائل القبلية الأفريقية المتمردة والمتصارعة في ما بينها، وبين القوات السودانية، المستمر منذ أربعة أعوام.
وستحل هذه القوة «الهجين» محل قوة الاتحاد الافريقي التي تضم سبعة الاف عنصر وتعاني مشاكل في التمويل والعتاد، على ان تساهم فيها كل من بريطانيا وبلجيكا والكونغو وفرنسا وايطاليا والبيرو وسلوفاكيا.
وستصبح هذه القوة جزءا من قوات يونماد (بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور) خلال تسعين يوما من اعتماد القرار الرقم 1769.
ويسمح القرار، الذي تمت مراجعته أربع مرات، لبعثة حفظ السلام المؤلفة من اكثرية افريقية (كما أشترط السودان بالتفاهم مع الاتحاد الأفريقي) استخدام جميع الوسائل الممكنة، ومن بينها اللجوء إلى القوة في المناطق التي سينتشر فيها الجنود وأفراد الشرطة، لضمان سلامة أفراد البعثة وحماية المدنيين والبعثات الإنسانية وعمال الإغاثة ولمصادرة أو جمع الأسلحة. كما يرمي إلى إعادة أكثر من مليوني نازح، هُجِّروا من المنطقة بسبب القتال إلى دول مجاورة كتشاد وأفريقيا الوسطى. ويتوقع أن تصل تكلفة هذه العملية في السنة الأولى وحدها إلى ملياري دولار.
ويشكل صدور القرار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة امتحانا صعبا لأنه يسمح للبعثة «باستخدام كل السبل اللازمة» وهو ما يعني استخدام القوة في مناطق انتشار قواتها وبحسب تقديرها في إطار قدراتها.
وتتوقّع الحكومة السودانية، التي كانت قد عارضت القرار بشكل صارم بسبب إزدواجية الصلاحيات، في الصيغة الجديدة ألا يكون هناك تعارض بين عمل القوات الهجين وبين القوات السودانية، أي أن العمل سيكون منسقاً بين الجانبين ولا ينتقص من صلاحيات القوات السودانية في فرض النظام والقانون. وستشكل هذه المعادلة تحدياً حقيقياً بالنظر إلى أن الجمع بين قوة دولية مفوضة بموجب الفصل السابع وقوات وطنية على رقعة من الأرض نفسها لن يكون سلساً بأي حال من الأحوال، إلا إذا تنازلت إحداها للأخرى.
واعتبر مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، عبد المحمود عبد الحليم، في حديث لـ «الأخبار»، النص الأخير مختلفا كثيرا عن النصوص السابقة. وقال إن العديد من الفقرات المُجحفة والمُسيئة حذفت «وسنتعامل مع النص بإيجابية». وأضاف أن استخدام الفصل السابع بات ينحصر في الدفاع عن القوات الدولية الأفريقية «ولم تعط الموافقة على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مثل توقيع على بياض».
واكد عبد الحليم حذف الاشارات للعقوبات وللإدانات في المشروع. كذلك الإشارة إلى قوات الجنجاويد التي تعرضت لانتقادات واسعة واتهمها الغرب بارتكاب أفضع الجرائم بحق القبائل الأفريقية من الأجناس غير العربية، داعيا الى وجوب تعاون الدول غير الموقِّعة.
وأضاف عبد الحليم «سنتعاون مع القرار بالتأكيد بناء على عدة معطيات ومرجعيات هامة تشمل: التأكيد على الصفة الأفريقية للعملية، وحذف الإشارة للقرارات الخلافية مثل القرار 1706. وحذف الإشارة إلى مبدأ التدخل لأسباب إنسانية».
وينص القرار على نشر القوة المختلطة (الهجين) مبدئياً لفترة 12 عاماً. وستتألف هذه القوة من 19555عسكرياً و 3772 رجل شرطة و19 وحدة لتدريب الشرطة.
وسيتم تأمين القوات من الدول الأفريقية بعد ترتيب التمويل اللازم، ومن دول أخرى في حال تعذَّر تأمين كامل القوة من القارة الأفريقية. وستضم القوة مهندسين وفنيين من دول خارج القارة، بعضهم من الولايات المتحدة، التي تحاشت إرسال أفراد إلى المنطقة، وحصرت مساهمتها بتأمين الدعم اللوجستي مثل وسائل النقل والمساهمات المادية الباهظة.
ويحدد القرار نهاية تشرين الأول المقبل كموعد أخير لبناء المقر الرئيسي للقوة الذي سيتم تمويله من الأمم المتحدة.
وأخيرا، يطلب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة الإبلاغ عن التطبيق في تقرير يقدم لمجلس الأمن كل 30 يوما يشرح تقدم العملية على المستويين العسكري والسياسي. كما يتم العمل لعقد مؤتمر مصالحة بين الدول القوى السودانية المتصارعة بعد توجيه الدعوة لكافة الفصائل.
في هذا الوقت (د ب أ)، طلب رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون من حكومة السودان امس أن تقبل بإرسال قوة حفظ السلام المشتركة إلى دارفور، وإلا واجهت «مزيدا من العقوبات».
وقال براون، للصحافيين بعد محادثاته مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، «لست مستعدا لترك هذا الأمر مستمرا من دون أي إجراء. واليوم يوم اتخاذ القرار بالنسبة للأمم المتحدة». وأضاف أن «مزيدا من العقوبات» ستفرض إذا لم يسمح بنشر قوات حفظ السلام المشتركة في دارفور.
وقال براون لدبلوماسيين من الأمم المتحدة إن «الرسالة الموجهة لدارفور هي أن الوقت حان للتغيير».
وكان السودان قد وافق في 12 حزيران على ارسال القوة المختلطة التي اطلق عليها اسم «يوناميد» الى دارفور.

يرمي مشروع القرار الذي قدمّته فرنسا وبريطانيا وتبنته سلوفاكيا وهولندا، إلى إنهاء نزاع مسلح بين العديد من الفصائل القبلية الأفريقية المتمردة والمتصارعة فيما بينها، وبين القوات السودانية، المستمر منذ أربعة أعوام. لكن التعامل بين القوة الدولية المفوضة بموجب الفصل السابع والقوات الوطنية لن يكون سلساً