strong>تزامن إعلان جيش الاحتلال الأميركي أمس عن مقتل 15 من جنوده في العراق
خلال الأيام الثلاثة الماضية، مع زحمة في المواقف السياسيّة الداخليّة تضمّنت تعبيراً عن المخاوف السنيّة من التقارب «المقلق» بين رئيس الحكومة نوري المالكي وزعماء كردستان، وتهديداً وجّهه الزعيم الشيعي مقتدى الصدر للاحتلال بـ «انتفاضة مسلّحة جديدة»
في حوادث مثّلت مدخلاً دموياً لشهر جديد واستكمالاً لمسيرة الخسائر في الشهر الماضي، قُتل في غرب بغداد وجنوبها وشرقها 10 جنود أميركيّين خلال مواجهات منفصلة أوّل من أمس، فيما شهدت ديالى مقتل آخر في انفجار، وقضى جنديّان عندما تعرّضت دوريّتهم لانفجار عبوة ناسفة في محافظة نينوى في شمال شرق البلاد في اليوم نفسه.
وأعلن الجيش الأميركي أيضاً أنّ جنديّاً من قوّة «مهام البرق» قضى أمس متأثّراً بجروح أُصيب بها في تفجير في ديالى أوّل من أمس.
وفي وقت لاحق، أكّد مصدر في شرطة مدينة الضلّوعية في شمال بغداد لـ «وكالة الأنباء الألمانيّة» مقتل جندي أميركي عندما «أطلق مسلّح مجهول النار تجاه دورية أميركيّة كانت متوقّفة في وسط مدينة».
وكان الاحتلال قد أعلن أوّل من أمس عن مقتل جنديّ الجمعة الماضي بإطلاق نار في بغداد، وهو ما يرفع حصيلة القتلى الأميركيّين في الأيّام الثلاثة الأولى من حزيران الجاري، إلى 9 جنود.
وكشف تقرير سرّي بعنوان «العاصفة الحقيقيّة: توقّعات النتائج السلبيّة لاجتياح العراق»، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» مقتطفات منه أمس، أنّ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» توقّعت منذ عام 2002 أسوأ السيناريوهات المحتملة في العراق في حال احتلاله، موضحةً أنّها تتضمّن «الفوضى وانهيار الوحدة الجغرافية للعراق وتزايد الإرهاب الدولي وتنامي العداء للولايات المتحدة في العالم».
وفي السياق، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين في الإدارة الأميركيّة، لم تكشف عن هويّتهم، كشفهم عن رؤية واضحة ومفصلّة لكيفيّة استمرار الوجود العسكري الاميركي في بلاد الرافدين على أساس اتّخاذ تجربة كوريا الجنوبية نموذجاً، موضحين أنّ الوجود سيكون في 3 أو 4 قواعد رئيسيّة، بينها قاعدة «الأسد» في محافظة الأنبار، والقاعدتان الجويّتان «بلد» في شمال بغداد و«تلّيل» في الجنوب.
وأشار أحد المسؤولين المذكورين، الذي وصفته الصحيفة بأنّه «ضليع جدّاً بتطوير استراتيجيّة للعراق»، إلى أنّه بهذه الطريقة تستطيع القوّات الأميركيّة الدخول والخروج من العراق من دون الانخراط في مواجهات شوارع، موضحاً أنّها «ستؤمّن في الوقت نفسه عدم تحوّل العراق» إلى مركز لتنظيم «القاعدة» «مثل الموجود في أفغانستان».
من ناحية أخرى، وفيما شهدت مدينة الديوانيّة الواقعة جنوب بغداد اشتباكات عنيفة بين أتباع «التيّار الصدري» وقوّات أميركية ــــــ عراقيّة، رفض الزعيم الشيعي مقتدى الصدر فتح حوار مباشر مع القوات الأميركيّة، بعدما كان قادتها قد أبدوا الأسبوع الماضي رغبتهم في فتح حوار سلمي، وقال، في مقابلة مع صحيفة «إندبندنت أون صندي» البريطانيّة: «حاول الأميركيّون قتلي من قبل، لكنهم أخفقوا، ومن المؤكّد أنّهم لا يزالون يريدون تصفيتي» محذّراً من شنّ «انتفاضة مسلّحة جديدة».
وشدّد الصدر على أنّ تنظيمه «يسعى إلى محاكاة مثال حزب الله في لبنان»، معتبراً أن التنظيم اللبناني و«جيش المهدي» «وجهان لعملة واحدة ويقفان في خندق واحد ضدّ قوّات الشيطان». وأعلن الصدر، في الوقت نفسه، «تدخّل إيران في الشؤون العراقية»، مجدّداً إعرابه عن رفضه المحادثات المبدئية بين واشنطن وطهران.
وفي السياق، أعربت «جبهة التوافق» السنيّة أمس عن «قلقها الشديد» من زيارة رئيس الحكومة نوري المالكي إلى إقليم كردستان، والتي بدأت الخميس الماضي وامتدّت 3 أيّام، وقال النائب عنها، حسين الفلوجي، إنّها «جاءت في وقت بالغ التعقيد».
وأشار الفلّوجي إلى أنّ الجبهة تخشى من أن يكون «المالكي قد بدأ يفرّط بعراقيّة (مدينة) كركوك، ويغلّب المصلحة الكردية على بقيّة المكونات التي تعيش في هذه المنطقة، من أجل منافع سياسية شخصية»، مبيّناً أنّ «ما جاء في مؤتمر صحافي لـ (رئيس كردستان العراق مسعود) البرزاني يوحي بذلك».
في هذا الوقت، جدّد رئيس «الجبهة العراقية للحوار الوطني» السنيّة صالح المطلك، دعوته الأميركيّين والحكومة العراقية إلى إعادة النظر بالعملية السياسية برمّتها في العراق، من أجل «إلغاء حكومة المحاصصة الطائفية المؤلفة من أشخاص جاؤوا للانتقام وإقصاء الآخرين». وقال للصحافيّين في عمّان، «نحتاج لمن يمتلك الذهنية والأخلاق التي تقود إلى المصالحة الوطنية»، مشيراً إلى أنّ لدى جبهته «بعض التصوّرات لكيفيّة الخروج من المأزق الحالي».
ميدانيّاً، شهد اليومان الماضيان مقتل نحو 26 عراقيّاً في أنحاء متفرّقة من البلاد، وعُثر على 26 جثّة في بغداد و9 في الموصل.
(أ ف ب، رويترز، د ب أ،
يو بي آي، الأخبار)