روستوك ــ غسان أبو حمد
بشّرت وتيرة عنف الصدامات ودقّة تنظيمها
وأساليب المواجهة المتطورة من قبل المتظاهرين والشرطة الألمانية أمس، بما هو أصعب وأعنف في الساعات المقبلة التي تسبق انعقاد قمة الدول الصناعية الكبرى (الثماني) في مدينة هايليغندام يوم الأربعاء المقبل


أدّت الاشتباكات العنيفة بين المتظاهرين والشرطة الألمانية في مدن الشمال الألماني، وتحديداً في مدينة روستوك، إلى وقوع نحو ألف جريح من الطرفين. وما بدا هادئاً في الساعات الأولى لانطلاق التظاهرات، أول من أمس، تحوّل تدريجاً، وبشكل تصاعدي، إلى مستنقع دموي ليل السبت ـــ الأحد كانت حصيلته عدداً كبيراً من الجرحى.
وأشارت التقارير الرسمية للشرطة الألمانية إلى وقوع نحو 150 إصابة في صفوف الشرطة (إصابات بعضهم خطيرة)، من دون أن تتضمن هذه التقارير أي إشارة، ولو تقديرية، إلى عدد الجرحى بين المتظاهرين، الذين قدّرت وسائل الإعلام أمس عددهم بأكثر من 300 جريح، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من المعتقلين. إلّا أن آخر التقارير الرسمية وما تبعها من أخبار صحافية كشفت أن عدد الجرحى تجاوز الألف، وأن وتيرة العنف والمواجهة دخلت مرحلة جديدة من الصدامات وأعمال التخريب.
ولجأ المتظاهرون إلى إقامة الحواجز على الشوارع وإضرام الحرائق ورمي النفايات على الطرق العامة، بينما عمدت الشرطة إلى استخدام الهراوات وخراطيم المياه والاعتقالات ومداهمة بعض مراكز التجمع.
وكانت أجواء العنف وحرق الدواليب والسيارات ورشق الحجارة وتحطيم واجهات المحال التجارية وضرب الهراوات والعصيّ ورمي أكياس البويا والزجاجات الفارغة قد خيّمت على التظاهرات الشعبية التي نظّمتها الجمعيات الرافضة لانعقاد قمة الثماني في مدينة هايليغندام.
واللافت أن حركة التظاهر اتسمت بالتنظيم والتنسيق وتوزيع الأدوار والمهمات بين فرق المتظاهرين واستخدام ما هو متوفّر من وسائل الإعلام والإعلانات من أجل تأمين وصول غاية تحركهم، وتفادياً لنعتهم بالمخربين والإرهابيين.
وقدرت الشرطة الألمانية عدد المتظاهرين بنحو ثلاثين ألفاً، بينما قدّرت تقارير منظمي حركة التظاهر العدد بأكثر من ثمانين ألفاً.
وتنوّعت مسيرات التظاهر، بين فرق ترتدي أقنعة كاريكاتورية تمثّل وجوه قادة الدول الصناعية الثماني وتحمل بأيديها أسلحة القتل والدمار ومعدات الدفن والموت، وفرق «ملثّمة ترتدي ألبسة سوداء اللون» تخفي وجوهها، تفادياً لنشاط العدسات السرية.
واستنكرت التنظيمات صاحبة الدعوة الرسمية إلى التظاهر أعمال التخريب والصدامات والعنف. وقال المتحدث باسم أكبر هذه التنظيمات (أتّاك)، فيرنر ريتز، إن «استخدام القوة من قبل الشرطة غير مبرر إطلاقاً، وخصوصاً أن شعارات المتظاهرين لا تدعو إلى استخدام العنف، بل تدعو إلى الأمن والسلام والاستقرار، ولم تتجاوز شعاراتها حمل دمى ترمز إلى قادة الدول الصناعية الكبرى تطالبهم بوقف إنتاج الأسلحة الذرية، وتطالب الأميركيين تحديداً بوقف سياستهم تجاه العراق ووقف استغلال ونهب ثروات دول العالم الثالث واعتماد سياسة جدية لحماية البيئة والبشرية من التلوث».
وأضاف ريتز أن منظمته تدعو إلى عقد قمة موازية في مدينة روستوك أطلق عليها تسمية «القمة البديلة» بهدف مناقشة القضايا العالمية مثل الفقر والتحول المناخي، «بعدما تحولت قمم الدول الصناعية الكبرى إلى ناد للأغنياء، الذين يلتقون كل عام ليناقشوا وسائل الإمساك بحركة السوق وزيادة أرباحهم». وأضاف «آن الأوان لرفض أكذوبة العولمة التي تخفي في طيّاتها صراعاً للأمم، يتيح للدول الكبرى مواصلة هيمنتها ونهبها للثروات عبر صياغة عولمة تناسب أسواقها».
وبقدر الصدام العنيف بين المتظاهرين والشرطة في روستوك، وقع صدام آخر في مدينة شفيرين، حيث كان طابع المتظاهرين «نازياً» ويمينياً متطرفاً ولم يتجاوز عددهم المئتين. كذلك قامت هذه المجموعة بتحرك آخر في العاصمة برلين وفي مدينة «لونيبرغ».