أظهر استطلاع للرأي، نُشرت نتائجه أمس، خيبة أمل متزايدة لدى الأميركيين حيال أداء الغالبية الديموقراطية الجديدة في الكونغرس بموازاة تشاؤم متزايد حيال احتلال العراق، فيما مثّلت توصية لجنة تأديب عسكريّة بتسريح جندي من البحريّة الأميركيّة لـ«تحدّثه علناً ضدّ الحرب»، حلقة جديدة من كيفيّة التعامل الأميركي مع «المقاتلين المناهضين للاحتلال».وفي مسح إحصائي أجرته صحيفة «واشنطن بوست» وشبكة «أيه بي سي نيوز» الأميركيّتان بعد مرور مئة يوم على سيطرة الديموقراطيّين على مجلسي الشيوخ والنوّاب، أعرب 39 في المئة فقط من الأميركيين عن رضاهم عن أداء الكونغرس، وذلك بتراجع 5 نقاط عن الشهر الماضي.
وأوضح الاستطلاع تدهور تأييد الرأي العام للموقف الديموقراطي بشأن الحرب في العراق 25 نقطة عما كان عليه في نيسان الماضي، حيث كان الأميركيّون يثقون بغالبيتهم البرلمانية الجديدة أكثر مما يثقون برئيسهم جورج بوش في ما يتعلق بهذا الملف.
ويعود تقلّص التأييد للديموقراطيّين لعدولهم الشهر الماضي عن اشتراط جدولة سحب القوات من العراق لتمويل الحرب لعام 2007، بعدما فرض بوش الفيتو الرئاسي على قرار من الكونغرس بهذا الصدد ولوّح باللجوء مجدداً الى «الفيتو» ضدّ قرار ثان مماثل.
وبلغت نسبة المستطلَعين الذين دعوا الى خفض عديد القوات الأميركية في العراق 55 في المئة، وهو أعلى مستوى سُجّل حتى الان، غير أن 15 في المئة فقط منهم أيّدوا انسحاباً فورياً.
من ناحية أخرى، أوصت لجنة تأديب في البحريّة الأميركيّة (قوّات «المارينز») مكوّنة من 3 أعضاء، خلال اجتماع في مركز في مدينة كنساس سيتي، بتسريح العريف آدم كوكيش (25 عاماً) «تسريحاً عاماً» وهي درجة أدنى من «التسريح المشرّف» مع الإشارة إلى سلوكه «السلبي بدرجة ملموسة»، وذلك على قاعدة اتّهامه بإساءة السلوك لارتدائه الزي الذي يرتديه الجنود الأميركيون في الصحراء خلال احتجاج نُظّم في واشنطن في آذار الماضي، في الذكرى الرابعة للغزو الأميركي للعراق.
وكوكيش هو من بين ثلاثة جنود قاتلوا في العراق وانتموا في ما بعد إلى جماعة مناهضة للحرب. وكانت الحكومة الأميركية قد هدّدت بمعاقبتهم على دورهم في التظاهرات المناهضة للاحتلال.
ودان العريف المسرّح، الذي يقول إنّه يتصرّف كمدني منذ خروجه من الخدمة في تشرين الثاني الماضي، تحرّك سلاح مشاة البحرية ضدّه، واصفاً إيّاه بأنّه تقييد لحريّة التعبير وتحرّك سياسي «فاسد» من جانب الجيش الأميركي.
ونظّم محتجّون قدموا من أنحاء البلاد تظاهرة أمام مركز قيادة مشاة البحرية في كنساس سيتي، حاملين لافتات تؤيّد كوكيش وتنتقد بوش. ووضع كثيرون منهم شارات كُتب عليها رقم 3495 في إشارة إلى عدد الجنود الأمركيّين القتلى في العراق منذ 2003.
وفي السياق، دعا السيناتور الديموقراطي والمرشح لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة باراك أوباما أمس إلى سحب قوّات بلاده من العراق، مشيراً إلى أنّ احتلال العراق صرف تركيز الولايات المتحدة وحلفاءها عن «مقارعة الإرهاب».
وقال أوباما، في مقال نشرته صحيفة «غارديان» البريطانيّة أمس، «يتعيّن علينا أولاً ومن أجل تجديد القيادة الأميركية في العالم إيصال حرب العراق إلى نهاية مسؤولة وإعادة تركيز اهتمامنا على منطقة الشرق الأوسط لأن العراق كان انحرافاً عن الحرب ضد الإرهابيين وخسرنا هناك أكثر من 3300 جندي وآلاف الجرحى»، موضحاً أنّ «جعل العراق مكاناً أفضل» يقوم على الضغط «على الأحزاب المتناحرة لإيجاد حل سياسي دائم»، ومشيراً إلى أنّ «الطريقة الفعّالة الوحيدة لتحقيق هذه الخطوة هي إجراء انسحاب على مراحل يتمّ كاملاً في آذار من العام المقبل».
(يو بي آي، أ ف ب، رويترز)