«أصبح السلام العالمي اليوم في خطر بسبب بعض المجانين الذين راحوا يطلقون صيحات لنقصف إيران»، هذا ما قاله المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي من دون أن يكشف عن أسماء «هؤلاء المجانين».لكنّ أحدث الصيحات الداعية إلى «قصف إيران» جاءت من العملاق المحافظ الجديد نورمان بودوريتز، العرّاب الرئيسي للحملة التي أدّت دوراً حيوياً في سقوط الاتحاد السوفياتي.
وكتب بودوريتز، في العدد الحالي لمجلة «تعليق»، التي أشرف على رئاسة تحريرها 35 عاماً (حتى عام 1995)، مقالاً تحت عنوان «سبب قصف إيران»، قال فيه «آمل وأصلي أن يقوم الرئيس بوش بذلك».
ويفترض بودوريتز، في كتابه الجديد «الحرب العالمية الرابعة: الصراع الطويل ضد الإسلام الفاشي»، «أننا عدنا إلى عام 1938، ومحاولة إسكات آخر ديكتاتور يملك طموحات كونية».
ويقول إن المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي «أخطر بكثير من أدولف هتلر لأنه يبني ترسانة نووية ويريد محو ليس 6 ملايين يهودي عن وجه الأرض فحسب، بل دولة إسرائيل بالكامل إلى جانب ستة ملايين يهودي آخرين ولدوا منذ الحرب العالمية الثانية».
وكتب بودوريتز «لا يمكن فهم أفغانستان والعراق على أنهما حربان منفردتان. علينا أن ننظر إليهما على أنهما جبهتان أو مسرحان فتحا في المراحل الأولى من صراع دولي طويل الأمد. الشيء نفسه يمكن قوله عن إيران. الراعي الرئيسي للإرهاب الذي هو السلاح الذي اختاره الإسلام الفاشي، والجبهة الأخرى في الحرب العالمية الرابعة».
وقال بودوريتز إن «طموحات الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ليست مقتصرة على تدمير إسرائيل فحسب، بل السيطرة على الشرق الأوسط الكبير أيضاً والسيطرة بالتالي على حقول النفط في المنطقة وتدفق النفط منها مروراً بالخليج. عندما يمتلك القدرة النووية، لن يكون عليه استخدامها حتى من أجل تحقيق كل أهدافه. الترهيب والابتزاز سيكفيان لكي تنفع اللعبة».
وأضاف بودوريتز «كما أن طموحات نجاد ليست إقليمية بمنظاره فحسب، فلديه حلم أكبر لنشر قوة ونفوذ الإسلام في جميع أنحاء أووربا، ويأمل أن يحقق ذلك من خلال اللعب على عامل الخوف من أن تؤدي مقاومة إيران إلى نشوب حرب نووية». ويتابع «ثم يأتي الحلم الأكبر: ما لا يتوانى نجاد عن وصفه بعالم من دون الولايات المتحدة، أو على المدى المنظور بعالم من دون نفوذ أميركي».
ورأى بودوريتز أن «المثل الصارخ حول الاستسلام للتطرف الإسلامي كان اعتقال إيران لـ15 بحاراً بريطانياً. لم يرد البريطانيون أو هددوا بالرد». وأضاف إن القوة كانت آخر ما يجول في خاطرهم في الوقت الذي حاولت فيه لندن تجنيد «القوة الناعمة، فتخيّل الدرجة التي قد نصل إليها عندما نواجه إيران التي تملك قدرة نووية وصواريخ قادرة على الوصول إلى أوروبا».
وقال بودوريتز إنه «حتى لو أن نجاد لا يملك بعد صواريخ بمدى قادر على ضرب الولايات المتحدة، إلا أنه سيكون قادراً من دون شك على إطلاق موجة من الإرهاب النووي ضدنا». ومستشهداً بنظرية برنارد لويس عن «الدمار المشترك المضمون» الذي أبقى القوتين العظميين أثناء الحرب الباردة بعيدتين عن اللجوء إلى القوة النووية، قال بودوريتز إن هذه النظرية لن تنفع في هذه الحالة مع إيران. وأضاف «نعرف أصلاً أن القادة الإيرانيين لا يبالون حيال قتل شعبهم بأعداد كبيرة. إنهم يعطونهم بطاقة مرور سريعة إلى الجنة وملذاتها».
ويختم المحافظ الجديد مقاله بتذكير الرئيس بوش بتعهده عدم مغادرة البيت الأبيض قبل التأكد من أن إيران لن تمتلك أسلحة نووية.
(يو بي آي)