حيفا - فراس خطيب
كشف فيلم وثائقي إسرائيلي حمل عنوان «ستة أيام في سيناء»، يُعرض حالياً على القناة الإسرائيلية العاشرة ضمن ثلاث حلقات، أنّ حرب حزيران 67، لم تكن حرباً «لا مناص منها»، كما يدّعي الإسرائيليون، ولم يدخلوها مجبرين.
ويتضمن الفيلم شهادات لقادة في جيش الاحتلال حاربوا في حزيران 67، أكدوا أنّ إسرائيل لم تشعر «بخطر وجودي» في حينه، وأنّ ضرب مصر لم يكن من أجل فتح «مضائق تيران» بل جاء لـ«إعادة قوة الردع وترجمة رؤيتها الأمنية في المنطقة».
وأوضح الفيلم أن القيادة العسكرية حثّت رئيس الوزراء ليفي أشكول على اتخاذ قرار الحرب على الرغم من أنه اقترح حل القضية سياسياً. كما يكشف الفيلم عن عداء الصحافة العبرية لأشكول، نتيجة «عدم اتخاذه قرار الحرب»، موضحاً أن «الجميع أرادوا حرباً ما عدا أشكول».

وكان الرئيس المصري جمال عبد الناصر قد أعلن في الثاني والعشرين من أيار عام 1967 إغلاق «مضائق تيران». وفي الساعة الثامنة من صبيحة اليوم التالي، وصل أشكول إلى مقر القيادة العسكرية في تل أبيب واجتمع بعدد من القادة العسكريين، بينهم قائد هيئة الأركان اسحاق رابين، ورئيس شعبة الاستخبارات أهرون ياريف. كان الاثنان، بحسب الفيلم، مصممين على الحرب. وقال ياريف «على إسرائيل أن ترد بقوة للحفاظ على موازين الرعب مع العالم العربي وأن تعيد إلى نفسها قوة الردع». أيّد رابين الفكرة وأوصى بشكل واضح بـ«الخروج إلى الحرب حالاً». كان أشكول يستمع إلى النقاش، وتعابيره جامدة. قال «ستصل إسرائيل باخرة نفط بعد أسبوع، ولدينا أسبوع كامل إلى حين وصولها (ستمرّ من مضائق تيران). لماذا لا نستغل هذا الوقت المتاح لنا من أجل حل القضية سياسياً؟
في ذلك الحين، استمع الجميع، بحسب الفيلم، إلى تصريحات عبد الناصر، ولكنّ أحداً لم يفحص ما إذا كانت المضائق أغلقت أم لا. وقال اندير جيت ريكيا، جنرال في وحدات الطوارئ في سيناء في حينه، إن جنوده تواجدوا عند المضائق ولم يروا أي سفينة مصرية بعد إعلان عبد الناصر. واعتبر الاعلان عن الإغلاق «ليس صحيحاً».
ويقول قائد منطقة الجنوب الإسرائيلية في حينه، يشعياهو غبيش، إن المشكلة كانت تكمن أولاً في «التهديد المصري». ويضيف «لقد قالوا إن حرب لبنان الثانية اندلعت لتحرير الجنديين المختطفين. وإذا أراد الإسرائيليون الخروج للحرب من أجل تحرير المختطفين، فباستطاعتهم (الإسرائيليين) عدم الخروج إلى الحرب، فلا توجد أي إمكانية لتحرير المختطفين في الحرب. وهنا، القضية نفسها. نحن هاجمنا أولاً من أجل تدمير المصريين ويرافق هذه العملية فتح المضائق، الخ...»، مشيرا إلى أن «فتح المضائق لم يكن هو الهدف، وحتى أن هذا لم يذكر ضمن المهمة».
حسبما جاء في الفيلم، فإن الجيش واصل الضغط على المستوى السياسي. ادعى رابين، في خلال جلسة للحكومة وصفت بأنها «دراماتيكية»، بأنه لا منطق في اقتراح أشكول للانتظار. وقال «على كفة الميزان، لا توجد فقط حرية الإبحار، إنما أمانة وتصميم إسرائيل ومقدرتها على تحقيق حقها للدفاع عن نفسها».
تقرر الانتظار 48 ساعة لتقرير ما إذا كانت إسرائيل ستتجه نحو الحرب، وكلفت الحكومة وزير الخارجية أبا إيبان فحص موقف الولايات المتحدة. عندها، رأت الصحافة الإسرائيلية في التأجيل «شهادة أخرى على خنوع رئيس الحكومة».
في هذا الوقت، توجه رابين إلى قائده أثناء نكبة 48، دافيد بن غوريون، لاستشارته في قضية الحرب. يقول رابين، في مذكراته، عن هذا اللقاء، إن «العجوز استضافني بحرارة، وبدل من أن يقويني، وبّخني». قال له بن غوريون «أنا أشكّ بأن عبد الناصر يريد حرباً. نحن اليوم معزولون للغاية». وأضاف «وضعتم الدولة في وضع خطير للغاية. أنتم تتحملون المسؤولية».