strong>محمد بدير
أعادت عملية «كيسوفيم»، التي نفّذها مقاومون فلسطينيون يوم السبت الماضي، تسليط الضوء على المعضلة الإسرائيلية في كيفية التعامل مع قطاع غزة. وبرز تقاذف المستويين السياسي والعسكري لكرة المسؤولية عن العجز أمام هذه المعضلة، ولا سيما أن عملية كيسوفيم، دقت ناقوس الخطر مجدداً في الأوساط الإسرائيلية إزاء إمكان حصول عمليات لأسر جنود إسرائيليين

ذكرت صحيفة «معاريف» أمس أن هناك حالة متزايدة من التململ في جيش الاحتلال الإسرائيلي جرّاء عدم الإذن له من جانب المستوى السياسي بتنفيذ عملية برية كبيرة ضد المنظمات الفلسطينية في قطاع غزة. وقالت إن الشكاوى في أساسها موجّهة إلى القيادة السياسية، وأهمها الشكوى من أنه «ليس هناك وزير دفاع بوظيفة كاملة».
ونقلت «معاريف» عن محافل في الجيش الإسرائيلي قولها إن «وزير الدفاع الحالي عامير بيرتس، الذي أعلن منذ زمن نيته إنهاء مهمات منصبه، لا يمكنه أن يأمر بخطوات بعيدة الأثر ضد منظمات الإرهاب. وما دامت القيادة السياسية تكبّل أيادي الجيش الإسرائيلي، فإن محاولات الاختطاف ستستمر ــــــ الى أن تنجح إحداها».
وحاول مصدر عسكري آخر رفيع المستوى توجيه إصبع الاتّهام الى بيرتس وتحميله مسؤولية تكبيل أيدي الجيش الإسرائيلي، بدعوى أنه «حين يخشى رئيس الوزراء خطوات هجومية بعد النقد الذي تلقّاه على قراراته في الصيف الماضي وعندما يكون وزير الدفاع قد أعلن منذ زمن بعيد أنه سيغادر وزارته بعد الانتخابات التمهيدية في حزب العمل وهو مشغول جداً في الشؤون الحزبية، فلا أمل في أن يأخذ الجيش الإسرائيلي المبادرة الى أيديه»، وفق ما نقلته عنه «معاريف».
وكان الجدال في شأن كيفية عمل الجيش الإسرائيلي ضد قطاع غزة ونطاقه قد احتدم في أعقاب العملية الأخيرة يوم السبت، حيث تحوّل إحباط المحافل الأمنية إلى غضب حقيقي، بحسب «معاريف»، بعدما تبيّن أنه ليس هناك نية لتغيير السياسة.
ولم يقف بيرتس مكتوف اليدين في مواجهة انتقادات الجيش، بل رد غامزاً من قناة العملية الأخيرة. ونقلت «معاريف» عن مقرّبين منه قوله إنه «من الأفضل أن يركّز الجيش الإسرائيلي على إصلاح نقاط الخلل في أعماله». ويأتي ذلك على خلفية نجاح ثلاثة من بين المهاجمين الأربعة الذين شاركوا في محاولة الأسر في العودة بسلام، فيما أشارت تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن التقرير الأوّلي لتحقيقات الجيش الإسرائيلي في العملية يشير إلى نتائج «مثيرة للقلق»، وإلى أن منفذي العملية كانوا على قدر كبير من التدريب والمهنية، وإلى أن التقرير يعبّر أيضاً عن قلق الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لأن العملية لم تسبقها تحذيرات، مما يشير إلى «إشكالية استخبارية في قطاع غزة»، وإلى أن «محاولة الأسر» تشير إلى نقاط مقلقة في أوساط أجهزة الأمن.
وتجدر الإشارة إلى أنه، منذ زمن بعيد، يدفع ضباط قيادة المنطقة الجنوبية، وعلى رأسهم قائد المنطقة يوآف غلانت، وقائد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة، العميد موشيه تمير، باتجاه تغيير طريقة عمل الجيش الإسرائيلي. ويدّعي الرجلان في المداولات الأمنية المغلقة، بحسب «معاريف»، «أن الوضع الذي ينتشر فيه الجيش الإسرائيلي بأغلبه خارج جدار القطاع من دون أن يعمل في داخله يجلب محاولات الاختطاف والعمليات التالية داخل الأراضي الإسرائيلية. وقد طلبا السماح بالانتقال الى خطوة هجومية هدفها نقل منظمات الإرهاب الى حالة الدفاع. وذلك، حتى لو لم يكن يدور الحديث عن احتلال كامل لقطاع غزة بل فقط خلق مناطق عازلة تجعل من الصعب على الفلسطينيين الاقتراب من الجدار».