غزة ــ رائد لافيرام الله ــ سامي سعيد

محاولة لاغتيال هنية والرئاسة تدعو إلى «قمع الانقلاب» و«فتح» تحضّ على قتال «الشيعة الكفار»


وسّعت حركتا «فتح» و«حماس» من نطاق المعركة الدامية الدائرة بينهما لليوم الثالث على التوالي في قطاع غزة، مع امتداد الصدامات المسلحة إلى الضفة الغربية، حيث اقتحم مسلحون مبنى تلفزيون تابع لـ «حماس»، وسط حالة تجييش مساوية لما هو عليه الوضع في غزة، تجلّت في دعوة «فتح» أنصارها إلى قتال «الكفار الشيعة».
ودخلت الرئاسة الفلسطينية أمس كطرف مباشر في الصراع محمّلة «تياراً انقلابياً» في «حماس» مسؤولية التدهور، فيما صدرت أوامر للحرس الرئاسي بـ«قمع الانقلاب»، فيما طرق مقاتلو الحركتين أبواب المرحلة الحاسمة في المعركة الداخلية، بإطلاق التهديدات باستهداف «القادة»، وسط إعلان حال الاستنفار العام في صفوف أنصارهما، بعدما تركّزت المعارك للسيطرة على المواقع الأمنية في القطاع.
ونجا رئيس الوزراء إسماعيل هنية من محاولة اغتيال إثر استهداف منزله في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، بقذيفة «آر بي جي»، أعقبها إطلاق نار كثيف، ما أوقع أضراراً مادية جسيمة في المبنى، في وقت تعرّض فيه مقر الرئيس محمود عباس «المنتدى» للقصف بقذائف الهاون، من دون إصابات.
واتّهم المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، «تياراً في حماس تشارك فيه بعض القيادات السياسية والعسكرية، بالتخطيط للانقلاب على الشرعية الفلسطينية متوهّمين بأنهم قادرون بالقوة على السيطرة على قطاع غزة».
وأصدر قادة قوات الأمن الوطنية الفلسطينية أوامرهم لوحداتهم بالدفاع عن مواقعها ضد هجمات «حماس» وهزم ما وصفوه «بانقلاب» الإسلاميين. وقالت قيادة قوات الأمن الوطني التابعة لعباس، في بيان لها صدر في غزة، «إلى الأمام يا قواتنا... إلى الأمام يا فوارسنا... إلى الأمام يا أبطالنا... ادحروا القوات الباغية الدموية الانقلابية... دافعوا عن كرامتكم وشرفكم العسكري... دافعوا عن أمن شعبكم».
وكانت «حماس» قد أمهلت العاملين في الأجهزة الأمنية الفلسطينية بعض الوقت لإخلاء مواقعهم ومقارّهم على امتداد القطاع، من دون قتال، بغية السيطرة عليها.
ولمّحت حركة «فتح» إلى إمكان الانسحاب من الحكومة والمجلس التشريعي. وقالت، على لسان المتحدث باسمها أحمد عبد الرحمن، إن «اللجنة المركزية للحركة ستعقد اجتماعاً طارئاً لاتخاذ قرار بصدد الاستمرار في الحكومة والمجلس التشريعي».
ورفض القيادي في «حماس»، سامي أبو زهري، اتهامات الرئاسة، وقال إنها «تمثّل محاولة لقلب الحقائق وللتغطية على الجرائم التي ترتكبها ميليشيات رئيس السلطة محمود عباس والتيار الانقلابي العميل في شوارع غزة».
ووصف أبو زهري قرار «حماس» السيطرة على المقارّ الأمنية الموالية لحركة «فتح» بأنه «قرار جريء»، مشيراً إلى أن «هذا القرار جاء بعدما أصبحت هذا المقارّ تُستخدم لقتل المجاهدين وإعدامهم».
وقتل خلال اليومين الماضيين أربعة فلسطينيين لترتفع حصيلة ضحايا المعركة الدامية خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى 21 قتيلاً، ونحو مئة جريح، عدد كبير منهم في حال الخطر الشديد.
وأعلنت مصادر محلية مقتل الشابين محمد رزق صافي (35 عاماً) من عناصر قوات الأمن الوطني، وإيهاب نصار (23 عاماً) الناشط في «كتائب القسام»، في معركة دامية للسيطرة على أحد المواقع الأمنية في مدينة دير البلح وسط القطاع.
واتهمت حركة «حماس» مسلحين من «فتح» بإعدام الناشط في الحركة عمر نبهان الرنتيسي (20 عاماً)، ابن شقيق القيادي في «حماس» الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، بعد اختطافه لساعات في مدينة خان يونس، جنوب القطاع.
وكان مسلحون مجهولون قد قتلوا في ساعة متقدمة من مساء أول من أمس المسن موسى أبو زينه (51 عاماً) في شارع عمر المختار وسط مدينة غزة.
وقالت مصادر في «حماس» إن «كتائب القسام» أحكمت سيطرتها على غالبية المواقع الأمنية، ومن ضمنها مواقع تتبع للرئاسة، في مدينة خان يونس، مشيرة إلى أن اشتباكات محدودة اندلعت خلال السيطرة على المواقع، بعدما سلّم الكثير من عناصر الأجهزة الأمنية أنفسهم وسلاحهم من دون قتال. وأضافت إن عناصر كتائب القسام صادروا كميات كبيرة من السلاح والذخيرة من داخل المواقع الأمنية التي سيطروا عليها.
وأفاد شهود عيان أن عناصر من أجهزة الأمن الوطني الفلسطيني المؤيّدة لحركة «فتح» حاصرت أمس مقر تلفزيون «الأقصى» التابع لـ«حماس» في حي النصر في غزة وسُمعت أصوات إطلاق رصاص. وقطعت القناة برامجها لتبث شريطاً يقول «فضائية الأقصى تناشد المواطنين للهبّ للدفاع عنها في وجه الهجوم من جانب التيار الخائن».
وفي هذه الأثناء، أعلنت حركة «حماس» الاستنفار العام في الضفة الغربية، إثر التهديد الذي أطلقته «كتائب شهداء الأقصى»، باستهداف قادة «حماس» في الضفة اذا واصلت المساس بحياة قادة وعناصر «فتح» في غزة.
وفي إطار حالة التجييش في الضفة الغربية، اتهمت «فتح»، عبر إذاعاتها في الضفة، «حماس» بتنفيذ مخطط إيراني للانقلاب على الرئيس محمود عباس، معتبرةً أن «هذه الحرب هي شيعية تستخدم فيها حماس كل قوتها للقضاء على فتح وتحويلها إلى أثر بعد عين».
وردّد عناصر «فتح» في مسيرة في رام الله هتافات دعت للقصاص من عناصر «حماس». وصرخوا بأصوات عالية «شيعة كفار».
وفي رام الله أيضاً، أغلق الحرس الرئاسي مكتب تلفزيون الأقصى التابع لحركة «حماس» وصادروا معداته واعتقلوا ثلاثة موظفين.
وبدا أن محاولات التهدئة لن تجد طريقها إلى التنفيذ، ولا سيما بعدما اعتذرت «حماس» عن تلبية دعوة وجّهها رئيس الوفد الأمني المصري اللواء برهان حمّاد إلى عقد اجتماع مشترك مع حركة «فتح».
ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى وقف فوري لإطلاق النار «انطلاقاً من الحرص على المصالح العليا لشعبنا وحقناً للدماء».


تيّار في «حماس» تشارك فيه بعض القيادات السياسية والعسكرية يخطّط للانقلاب على الشرعية الفلسطينية متوهّمين بأنهم قادرون بالقوة السيطرة على قطاع غزة