strong>محمد بدير
تقارب النتائج يهدّد بمعركة قضائية... وأولمرت يستعدّ لتعديل وزاري

لم يكد اليوم الانتخابي الطويل الذي شهده حزب العمل الإسرائيلي أمس ينتهي مع إغلاق صناديق الاقتراع حتى استعدّت الأوساط المعنية، وفي مقدّمها المرشحان لرئاسة الحزب وجمهور الناخبين، لليل اتّضح أنه سيكون أطول بكثير في ظل شبه التعادل الذي كشفت عنه النتائج الاستطلاعية الأولية التي نُشرت مع انتهاء عملية التصويت.
وبدا أن منسوب التوتر داخل معسكرَي المرشحَين، إيهود باراك وعامي أيالون، ارتفع إلى حدوده القصوى في ضوء إجماع نتائج التصويت المحاكي، الذي أجرته محطات التلفزة الإسرائيلية الثلاث، على عدم وجود رجحان فعلي لأي منهما، وبالتالي اضطرارهما إلى انتظار انتهاء عملية فرز الأصوات وإعلان النتائج الرسمية المتوقع صباح اليوم.
فقد أظهرت النتائج المذكورة، التي تستند إلى آلية استطلاعية موازية ومتزامنة مع عملية التصويت، انقسام كتلة الناخبين العماليين بشكل نصفي تقريباً بين كل من باراك وأيالون، رغم تفوّق الأول على الثاني بنسبة ضئيلة تفاوتت بين استطلاع وآخر. فقد حصل باراك على 52 و 50.5 و51 في المئة من أصوات المقترعين وفقاً لاستطلاعات القنوات الأولى والثانية والعاشرة على التوالي، فيما كان نصيب منافسه 48 و49.5 و49 في المئة من الأصوات على توالي المحطات في استطلاعاتها أيضاً.
وأجمع خبراء الاستطلاعات، الذين أشرفوا على إعدادها، أن النسبة المئوية للفرق في النتائج تدخل ضمن ما يسمّى هامش الخطأ الإحصائي، وعليه فإنه لا يمكن الاستناد إلى حصيلة الاستطلاع لاستنتاج فوز أي من المرشحَين على الآخر. ويعني ذلك ضرورة الاحتكام إلى النتائج الرسمية المتأتّية عن فرز آخر الأصوات من أجل إعلان الفائز، وإن كان من شأن ضآلة الفارق أن تفتح أبواب الاستنئاف على النتائج استناداً إلى دعاوى تزوير في بعض الصناديق أطلقها كل من المرشحين أمس.
وإذا تحقّق هذا السيناريو، وهو غير مستبعد بعد أن أثار مقربون من أيالون أمس احتمال الاستئناف، فإنه سيكون نسخة مكررة عن انتخابات رئاسة الحزب التي جرت عام 2001، والتي أدى طعن المرشح بنيامين بن إليعزر في صحة نتائجها التي كانت لمصلحة منافسه أبراهام بورغ بفارق 1 في المئة من الأصوات إلى إعادة التصويت في 51 صندوق اقتراع. ومعروف أن الجولة الثانية التي حصلت بعد ثلاثة أشهر من الجولة الأولى أفضت إلى فوز بن إليعزر بفارق 3 في المئة من الأصوات، إلا أنه تقرر أن يكون إشغاله للمنصب مؤقتاً ريثما يعاد انتخاب رئيس جديد في غضون عام.
وكان نحو 57 في المئة من أصل حوالى مئة وثلاثة آلاف منتسب لحزب العمل قد توجّهوا أمس إلى 313 صندوق اقتراع توزّعت في أرجاء إسرائيل لانتخاب رئيس جديد للحزب في جولة ثانية وصل إليها كل من باراك وأيالون في أعقاب فوزهما بالنسبة الأعلى من الأصوات في الجولة الأولى التي حصلت في 28 أيار الماضي وكان أبرز نتائجها خروج الرئيس الحالي للحزب، عامير بيرتس من حلبة المنافسة بعدما حل ثالثاً بين خمسة متنافسين.
واستغلّ المرشحان المنازلة الانتخابية أمس من أجل ممارسة ترويج أخير لنفسيهما، فعمد كل منهما إلى التركيز في تصريحاته على ورقته الدعائية الرابحة بالنسبة إليه. وهكذا شدد الجنرال السابق، إيهود باراك، على ماضيه العسكري وخبرته الأمنية ودعا الناخبين إلى «التفكير لمعرفة من هو الشخص الأفضل لقيادة البلاد في زمن الحرب والذي يتمتع بشجاعة أكبر لإبرام السلام». أما أيالون، فاستخدم صيته في نظافة الكف وعدم التلوث بفساد الساسة للدعوة إلى انتخابه رئيساً من أجل أن «يسلك حزب العمل طريقاً جديداً».
وينظر كثير من المراقبين إلى نتائج هذه الانتخابات بوصفها مصيرية بالنسبة إلى الحكومة الإسرائيلية التي يُعدّ حزب العمل ركيزتها الأساسية بعد حزب كديما. فقد أعلن كلا المرشحين نيته سحب الحزب من الائتلاف الحكومي الذي يقوده رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، إذا أصرّ الأخير على موقفه الرافض للاستقالة من منصبه رغم تحميل تقرير لجنة فينوغراد إياه المسؤولية عن فشل عدوان تموز على لبنان. إلا أنه من غير المرجح أن يؤدي ترؤس أي منهما لحزب العمل إلى خروج فوري من الحكومة، ويعود ذلك إلى وجود غالبية داخل الحزب تؤيد البقاء المرحلي فيها من جهة، وإلى الخشية من فوز حزب الليكود في أي انتخابات مبكرة حال إجرائها من جهة أخرى.
لذلك يرجح المراقبون أن يلجأ الفائز، كائناً من كان، إلى التذرع بانتظار صدور التقرير النهائي للجنة فينوغراد لتبرير البقاء في الحكومة. وفي هذا السياق، يُتوقع أن يرث الزعيم الجديد للحزب منصب سلفه، عامير بيرتس، وزيراً للدفاع وأن يستخدم منصبه الجديد كمنصة للإعداد للمنافسة على منصب أعلى.
وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية أن مكتب أولمرت يستعدّ لجولة من المفاوضات الائتلافية بعد انتخاب زعيم عمالي جديد، سعياً إلى تأليف حكومة جديدة تعكس موازين القوى المتغيرة داخل حزب العمل.