لا تزال الملفات العالقة بين الغرب وروسيا تراوح مكانها على مختلف الجبهات، حيث يتمسّك كلّ طرف بمواقفه. ولم يكن ينقص تلك العلاقات المتوتّرة، سوى أن يُضاف إليها ملفّ ساخن جديد فجّرته تصريحات الرئيس الأميركي جورج بوش في جولته الأوروبية الأخيرة في ما يختصّ بالرغبة الأميركية «في رؤية إقليم كوسوفو مستقلاً نهائياً عن صربيا»، حتى لو كلّف ذلك تجاوز مجلس الأمن الدولي، حيث يبقى لروسيا حقّ النقض (الفيتو) فيه. وفي هذا الإطار، تبنّى الوسيط المكلَّف من الأمم المتحدة متابعة مسألة إقليم كوسوفو الصربي، مارتي أهرتيساري، في روما أمس، الموقف الأميركي بحذافيره، إذ رأى أنه لا إمكان لحل أزمة الإقليم إلا من خلال منحه الاستقلال عن صربيا. وحضّ أعضاء مجلس الأمن على الاستعجال في التصديق على خطة استقلال الإقليم داخل المجلس، تفادياً «لانفلات الأوضاع»، وهو ما شدّد عليه المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، جان باتيست ماتيي أمس بقوله: «نرى أن من الأفضل أن يكون الحل على مستوى مجلس الأمن بحسب خطّة أهرتيساري، لأننا نرى ذلك في مصلحة جميع الأطراف».
وخصّص الرئيس الكوبي فيديل كاسترو مقالته الأخيرة بعنوان «الطاغية يزور تيرانا» للسخرية من بوش، الذي «أعلن تأييده لاستقلال كوسوفو من دون أن يأخذ في الاعتبار مصالح صربيا وروسيا ودول أوروبية أخرى». وأضاف الرئيس الكوبي، في مقاله السادس عشر منذ دخوله المستشفى منذ عشرة أشهر ، إن بوش «عرض على صربيا مساعدة مالية، في مقابل دعمها استقلال كوسوفو» الذي وصفه بـ«مهد حضارة هذا البلد من دون أن يهتم برفضها لذلك».
أمّا على جبهة «الدرع الصاروخية»، فقد أعلن قائد القوات الجوية الروسية، ألكساندر زيلين، تأخير موعد نشر عناصر منظومة الدفاع الصاروخي الروسية «أس ـــــ400»، الذي كان مقرراً في الأول من تموز المقبل «لأسباب موضوعية»، مشدّداً في الوقت نفسه، على أن الموعد الجديد لن يتعدّى نهاية الصيف الحالي.
ويُعتقد بأن القرار يأتي على خلفية إعطاء فرصة للاجتماع المرتقب بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي جورج بوش في التاريخ نفسه.
وفي السياق، كشف رئيس هيئة الأركان الروسية، يوري بالويفسكي، عن أن المشاورات بشأن اقتراح الاستعمال المشترك لمحطة رادار غابالا الأذرية بين واشنطن وموسكو، ستبدأ بعد زيارة بوتين إلى الولايات المتحدة.
إلى ذلك، أعلن الرئيس البولندي، ليش كازينسكي، أنّ بولندا صارت قريبة جداً من رؤية القواعد الصاروخية على أراضيها بعد زيارة الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي إلى وارسو. ووصف اقتراح بوتين بأنه «لعبة مجهولة»، محذّراً من رضوخ الغرب والولايات المتحدة إلى الإرادة الروسية «الخطيرة في هذا التوقيت».
وفي كندا، نصح الرئيس الأوكراني الموالي للغرب، فيكتور يوتشينكو، بالتعامل مع التهديد الروسي بتوجيه قواعد الصواريخ نحو أوروبا بشكل جدّي، «لأن كلام (الرئيس فلاديمير) بوتين لم يكن مزحة». ونصح الجميع، باعتماد سياسة دفاعية جماعية لأنها وحدها قادرة على مواجهة التحديات العالمية.
وفي مستهل المؤتمر الاستثنائي للدول الثلاثين الموقعة على معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية في أوروبا المنعقد في فيينا، صرّح مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأوروبية، دانيل فريد، بأن واشنطن ستبذل «كل جهد ممكن» من أجل حلّ الاعتراضات الروسية، «لكن مع عدم الإخلال بمبادئ بلاده». ورأى أنه فيما أوفت روسيا «بالكاد» بالتزامها في ما يتعلق بسحب قواتها من جورجيا ومولدافيا، إلا أن من الضروري التوصل إلى «حل إبداعي» بغية إنقاذ المعاهدة التي وصفها بـ«حجر الزاوية للأمن الأوروبي».
(يو بي آي، د ب أ، أ ب، أ ف ب)