strong>طالت يد الإرهاب مسجد الإمامين العسكريّين في سامرّاء مجدّداً، أمس، في هجوم
وصفته السلطات العراقية بأنّه «نبأ سيّئ للعراق». ويبدو الأمر جليّاً وخصوصاً أنّ التفجير الأوّل الذي استهدف المسجد في شباط الماضي، والذي أوقع نحو 130 قتيلاً، أطلق حملة دمويّة من الاقتتال الطائفي لا تزال انعكاساتها مستمرّة حتّى اليوم
ذكر مصدر في وزارة الداخلية العراقية، في حديث إلى «الأخبار» أمس، أنّ انتقادات كثيرة وجّهها إلى وزير الداخلية جواد البولاني عدد من الوزراء ورؤساء الكتل البرلمانية، على خلفيّة تفجير المئذنتين في مسجد الإمامين العسكريّين في سامرّاء.
وقال المصدر إنّ البولاني بدأ، وبإيعاز من نوري المالكي، بإجراء تحقيق لقوّة الحراسة المكلّفة بحماية المرقدين، وسط مؤشرات على تقصير ملحوظ في أداء هذه القوة لمهمّتها، وخصوصاً بعد أن كانت مصادر أمنيّة قد ذكرت أنّ ليل أوّل من أمس، شهد عملية تبادل لمسؤولية حراسة المرقد، حيث انسحبت قوّة الحراسة الخاصّة من شرطة تكريت، وتسلمت المسوؤلية قوّة من شرطة بغداد.
وندّد «التيّار الصدريّ» بالهجوم على المرقد، حيث دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر جميع القوى الدينية والسياسية إلى «توحيد الجهود من أجل بناء هذين المرقدين لكي يبعدا شبح الحرب الطائفية والأهلية»، مشدّداً على أنّه «إن لم يستطع الجميع حمايتها فنحن قادرون على ذلك».
وفي بيان ألقاه نيابة عنه الناطق الإعلامي لمكتب الشهيد الصدر في النجف صلاح العبيدي، قال الصدر إنّ الأيادي التي قامت بهذا الفعل «إنما هي أيادي الاحتلال الخفيّة التي تريد بآبائنا سوءاً»، مضيفاً «اعلموا أيّها الشعب العراقي أنّه ما من سنّي يمدّ يده على مرقد يضم مثل هذين المعصومين، وما من من مسلم يفعل ذلك البتة».
ومضى بيان الصدر يحثّ شعب بلاد الرافدين على «دحض وإفشال المخطّط الأميركي ـــ الإسرائيلي البغيض» ويشدّد على أنّه «على جميع القوى السياسية في البرلمان وخارجه تحمّل المسؤولية والضغط على الحكومة للقيام بواجباتها إزاء شعبها، وإلا فهي ليست الحكومة الشرعية المطلوبة».
وفي ردّ فعل عملي على أداء الحكومة العراقيّة، قال النائب عن الكتلة الصدريّة في البرلمان نصار الربيعي، في حديث لـ«رويترز»، إنّ التيار قرّر تجميد عضويّته في مجلس النوّاب (للمرّة الثانية) إلى أن تبدأ الحكومة بإعادة بناء جميع المساجد السنية والشيعية التي طالتها التفجيرات وأعمال العنف.
من جهته، حمّل المالكي تنظيم «القاعدة» و«البعثيّين» (أنصار الرئيس السابق صدام حسين) المسؤولية عن الهجوم، وقال في كلمة متلفزة إنّه يعتقد أن مساجد أخرى سيجري استهدافها وإنه طلب من قوات الأمن العراقية تكثيف التدابير الأمنية حولها، مبيّناً أنّه أصدر تعليمات باعتقال جميع أفراد الأمن المسؤولين عن حماية الضريح.
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركيّة قد نقلت عن المالكي، أمس، تشبيهه للنزاع الدائر في العراق بالحرب الأهليّة الأميركيّة التي دارت رحاها منذ نحو 150 عاماً وإن «بشكل أكثر تعقيداً»، موضحاً أن «بعض دول الجوار تزيد من دمويّة هذا النزاع من خلال المراهنة على القوى الظلاميّة».
كذلك، حضّ المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني «المؤمنين» على «ضبط النفس» وعدم القيام بأيّ عمل «انتقامي ضدّ الأبرياء». وقال، في بيان وزعه مكتبه، إنّ «المرجعيّة تبدي أسفها الشديد لتلكّؤ السلطات المسؤولة عن القيام بواجبها، ونأمل أن تبادر الحكومة إلى تنفيذ وعودها باتخاذ خطوات سريعة وإجراءات لإعادة تشييده».
من جانبها، دانت «هيئة علماء المسلمين»، وهي أكبر مرجعية سنية في العراق، التفجيرات، وقالت في بيان إنّها تحمّل «بشكل مباشر قوّات الاحتلال والحكومة الحالية المسؤولية الكاملة»، داعيةً العراقيين إلى «التحلّي بالصبر وضبط النفس وعدم الانجرار إلى فتنة يُراد منها خدمة المحتلّين وأعوانهم وإخراجهم من المأزق الذي غرقوا فيه».
وفي واشنطن، دان البيت الأبيض «بشدّة» الهجوم، معتبراً إياه اعتداءً «ضدّ العراقيّين سنّة وشيعة» وداعياً هؤلاء الى الوحدة في مواجهة المتطرفين. وقال المتحدث باسمه غوردون جوندرو إن «لقد آن الأوان لأن يتّحد العراقيّون لهزيمة المتطرّفين الذين لا يملكون تقديم سوى الموت والدّمار».
أمّا الموقف الإيراني، فقد عبّر عنه الرئيس محمود أحمدي نجاد، حيث شدّد على ضرورة دعم وحدة العراق واستقلاله، معتبراً أن الإرهابيين «ليسوا مسلمين»، ومتّهماً الاحتلال الأميركي في العراق بأنّه شجّع على وقوع الاعتداء.
وقال نجاد في كلمة بثّها التلفزيون، مشيراً إلى القوّات الأميركية، «إنّكم تعقّدون الوضع بالنسبة إليكم من خلال دعم هذه الأعمال»، مضيفاً «لا تتصرّفوا بطريقة تجعل أيّ شخص في المنطقة غير مستعدّ لمساعدتكم في الخروج» من هذا الوضع.
في هذا الوقت، ذكر مصدر أمني مسؤول في شرطة الحلّة لوكالة أنباء «أصوات العراق» أنّ مسلّحين مجهولين فجروا 3 مساجد في مدينة الإسكندرية شمال محافظة الحلّة بجنوب العراق.
إلى ذلك، أفادت صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية، أمس، بأنّ وزير الدفاع البريطاني ديس براون لمّح بأنّ حكومته يمكن أن تسرّع عملية سحب القوّات البريطانية من العراق أبكر مما هو متوّقع. ونسبت الصحيفة إلى براون قوله «إن قوّاتنا المسلّحة تواجه خطر التعرض للضرر إذا ما استمرّت في القتال بالأعداد نفسها في الخارج».
ميدانيّاً، أعلن الجيش الأميركي مقتل ثلاثة من جنوده، بينهم عنصر في مشاة البحريّة (مارينز)، في هجمات منفصلة في الأنبار وبغداد. وقضى في أنحاء متفرّقة في بلاد الرافدين، أمس، 16 عراقيّاً في حوادث مختلفة.
وكشف المتحدّث الرسمي باسم الميليشيا الكرديّة «البشمركة» اللواء جبار ياور لوكالة «فرانس برس» أنّ الحكومة العراقية وقوّات الاحتلال طلبت من قيادة قوّاته إرسال أكثر من ألفي عنصر إلى محافظة ديالى المضطربة.
إلى ذلك، قالت الشرطة العراقيّة إنّ مسلّحين اختطفوا مدير تحرير صحيفة «الصباح» الحكومية فليح وادي مجذاب أثناء مرور سيّارته في مدينة الصدر في شرق بغداد.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، د ب أ،
رويترز، الأخبار)