رام الله ــ الأخبار
الأزمة الفلسطينية الداخلية باتت قمة التصعيد السياسي والميداني، بعد قرار حل حكومة الوحدة الوطنية والعودة إلى ما قبل اتفاق مكة، وهو ما يغلق باب أي أمل تفاوضي قد ينهي حال الحرب المعلنة بين «فتح» و«حماس»

وقّع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس قراراً بحل حكومة الوحدة الفلسطينية التي تترأسها حركة «حماس» وآخر بإعلان حالة الطوارئ في قطاع غزة والضفة الغربية وتأليف حكومة إنقاذ.
وقال الأمين العام للرئاسة الطيب عبد الرحيم، إن عباس أصدر مرسوماً بناء على صلاحياته بإقالة رئيس الوزراء إسماعيل هنية. وأصدر مرسوماً آخر بإعلان حالة الطوارئ في جميع أراضي السلطة الفلسطيني «بسبب الحرب الإجرامية في قطاع غزة والاستيلاء على مقار السلطة والعصيان المسلح من الجهات الخارجة على القانون، وعلى الجهات المختصة العمل بمقتضى هذا المرسوم».
وأضاف عبد الرحيم أن عباس أصدر مرسوماً ثالثاً بتأليف حكومة طوارئ وتكليفها تنفيذ حالة الطوارئ.
وكانت «حماس» قد استبقت قرار عباس برفض توصيات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
وقال المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، إن «اللجنة التنفيذية لا تمتلك أي شرعية لتصدر قرارات أو توصيات».
وأضاف أبو زهري أن «التوصيات الصادرة عن اللجنة التنفيذية أظهرت تورطها في المؤامرة على شعبنا الفلسطيني الصامد من خلال دعوتها إلى إرسال قوات احتلال إضافية أو ما يسمى قوات أمن دولية». ودعا عباس إلى «تحكيم لغة العقل واتخاذ خطوات جدية».
وكان المستشار الإعلامي للرئيس الفلسطيني نبيل عمرو، قد أعلن في وقت سابق أمس، أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أوصت خلال اجتماعها مع عباس بحل حكومة الوحدة الوطنية وتأليف حكومة طوارئ.
وقال عمرو، في تصريح للصحافيين في رام الله عقب اجتماع اللجنة، «إن عباس يدرس الموضوع الآن، وإنه بصدد اتخاذ قرار في أقرب وقت ممكن».
وقال مسؤول في اللجنة، في ختام اجتماعها برئاسة عباس، إن اللجنة قدمت ثلاث توصيات للرئيس الفلسطيني هي «إعلان الطوارئ أو حل الحكومة أو نشر قوة دولية، وستنفذ (هذه التوصيات) إذا لم توقف حماس اعتداءاتها».
وكشف مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، لـ «الأخبار»، عن تلقّي مؤسسة الرئاسة الفلسطينية، خلال الساعات القليلة الماضية اتصالات من دول عربية وأوروبية، بما في ذلك الادارة الاميركية، تحضّها على اعلان حالة الطوارئ في الأراضي الفلسطينية لوقف الزحف «الحمساوي» على مقار اجهزة الامن الفلسطيني.
وأشار المسؤول، الذي اشترط ألّا يُذكر اسمه، إلى أن «الادارة الأميركية أبلغت عباس ضرورة اعلان حالة الطوارئ لأن ذلك سيضر المصالح المشتركة بينهما وقد يهدد أمن دولة اسرائيل».
وأكد المسؤول أن الادارة الاميركية وبعض الدول العربية تعهدت إلى الرئاسة الفلسطينية إمدادها بجميع الوسائل لإعادة سيطرة قواتها على قطاع غزة، وكذلك الضغط على قيادة «حماس» في الخارج وتهديدها باتخاذ خطوات حاسمة وخطيرة على صعيد الساحة الفلسطينية من خلال تدخل دولي في الشؤون الفلسطينية وفرض النظام والهدوء في قطاع غزة بالقوة.
وكان المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني نمر حماد، قد أعلن رفض عباس مناقشة الشروط التي قدمتها «حماس» قبل وقف كامل لإطلاق النار.
وقالت مواقع إلكترونية قريبة من حركة «حماس» أمس، إن المبادرة التي سلّمتها الحركة للوفد الأمني المصري تتضمن ثمانية بنود طلبت عرضها على حركة «فتح» والرئيس الفلسطيني والقيادة المصرية للحصول على الضمانات الكافية.
وطالبت «حماس»، عبر مبادرتها، باحترام الطرفين لجميع الاتفاقات بدءاً باتفاق القاهرة الموقع في آذار 2005 مروراً بوثيقة الوفاق الوطني وضرورة استكمال اتفاق مكة في «موضوع الشراكة وموضوع بناء منظمة التحرير الفلسطينية». ودعت إلى «تطبيق مبدأ الشراكة مع كافة الفصائل الفلسطينية الأخرى وتحقيق العمل المشترك واحترام نتائج الانتخابات التشريعية». وقالت إنها جاءت الى السلطة عن طريق صناديق الاقتراح وستخرج منها أيضاً عن طريق صناديق الانتخابات.
كذلك طالبت «حماس» بضرورة «فصل العناصر المعروفة التي تعمل باستمرار على وضع العراقيل لإفشال هذه الحكومة، بالإضافة إلى إعادة بناء المؤسسة الامنية على اسس وطنية واستبعاد العناصر التي تعمل في هذه الاجهزة والمعروفة بانتماءاتها غير الوطنية والتي تعمل على توتير نار الاقتتال الداخلي وإشعالها في كل مرة».
وطالبت المبادرة «بسرعة تطبيق الخطة الأمنية وسرعة الاتفاق على القوة المشتركة وإعطائها الصلاحيات اللازمة لضبط الأمن والنظام في الشارع، وتوفير كل الإمكانات الفلسطينية لنجاحها». كذلك طالبت «بردّ الظلم» عن كل من فُصل من عمله من داخل الاجهزة الامنية على خلفية انتمائه لحركة «حماس» أو رفضه المشاركة في أحداث الاقتتال الاخيرة، مع ضرورة رفع الغطاء التنظيمي عن جميع «القتلة وتسليمهم للعدالة».
وتضمن أحد البنود «ضرورة وجود ضمانات لتنفيذ هذه الاتفاقات من كل من حماس وفتح بضمانات مصرية وعربية».
وقال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات «إن الجميع أصبح في نظر (حركة) حماس كافراً وعميلاً كأي مسلسل خطط عبر التاريخ من أي فئة للانقضاض على السلطة». وأضاف «إن ما يحدث في قطاع غزة هو جزء من أزمة خطيرة تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وما يحدث في شمال لبنان وفي بيروت وفي غزة أحداث بينها ترابط أكيد».
ووجّه عريقات نقداً لاذعاً لبعض السياسات العربية «التي وصلت إلى هذه الدرجة من الوحل في تعاملها مع القضية الفلسطينية». وقال «إن المؤامرة على القضية الفلسطينية ستكشف قريباً عندما نسمع عن هدنة طويلة الأمد، وإسقاط ملف القدس، والحدود واللاجئين».