نيويورك ــ نزار عبود
نتيجةً لنشر تقرير مبعوثه إلى الشرق الأوسط ألفارو دي سوتو عن عمليّة السلام في الشرق الأوسط أوّل من أمس، اتّخذ الأمين العام لجامعة الدول العربيّة بان كي مون قراراً بمنع تسريب تقارير من موظفيه إلى الإعلام، ناسفاً مبدأ الشفافية الذي تغنّى به منذ مطلع السنة. وليس تسريب التقرير كلّ ما يواجهه بان إلّا أنّه لا شكّ أقساه.
فقد زاد دي سوتو حجم الأعباء التي تقضّ مضجع بان، وأوّلها فشله في حلّ مشكلة دارفور، حين عزا أسباب استقالته من منصبه كمسؤول عن قضية السلام في الشرق الأوسط، إلى دعم الولايات المتحدة لإسرائيل على اعتبار أنّ ذلك «عرقل الجهود للتوصّل الى اتفاق سلام»، وسط اتهامات لسياسة الأمم المتحدة في المنطقة بأنّها «خاضعة لمصالح واشنطن وتل أبيب».
الأمم المتحدة كانت منزعجة للغاية بسبب نشر دي سوتو لتقريره في صحيفة «غارديان» البريطانية، منتقداً المشاركين في عملية السلام واللجنة الرباعية، وموضحاً أنّ استقالته تعود إلى أنّ إعادة تحرير التقارير تغيّر طبيعتها وفحواها بشكل هائل.
ووزّعت أمانتها العامّة مذكّرة على جميع موظفي المنظمة الدولية باسم بان تمنع تسريب التقارير والوثائق والمعلومات إلى الصحافة.
مكتب بان قال على لسان المتحدّثة باسمه ميشيل مونتاس، إنّ المذكّرة كانت تخصّ شيئاً محدداً «وهو عدم تسريب الوثائق السريّة، لأنّ ما يحدث في الطابق الـ38 من مبنى الأمم المتّحدة (حيث مكتب الأمين العام) يكتسب هذا الطابع» موضحةً أنّه «عند توزيع التقرير لم يكن قد خضع بعد للجنة السياسية نظراً إلى كونه في طور نسخة أوّليّة لتقرير قُدّم إلى الأمين العام».
المذكرة الداخلية قالت: «إنّنا قلقون من تسريب الوثائق السرية» لكنّها في الفقرات الأخيرة لا تذكر كلمة «سرية» على الإطلاق، ما يجعل كلّ موظّف حذراً من الكشف عن أيّ معلومات، مهما كانت عامّة. وعليه تُحرم الصحافة متابعة القضايا قبل صدور قرارات حاسمة بشأنها.
غير أنّ مونتاس، التي لم تجد ما تدافع به عن موقفها، قالت «لا علاقة للمذكرة بحرية الصحافة»، رافضةً التعليق على ما جاء في التقرير، ومشدّدةً على أنّ بان «لن يعلّق على تقرير أُعطي له بشكل شخصي خاصّ ولم يكن من المفترض أن يوزّع على الإعلام».
ووصفت مونتاس إعادة تحرير التقارير بأنّه «جزء من عملية صنع القرار في المنظمة ولا يخصّ الخارج، وهو أمر طبيعي». والسؤال هو: كيف يكون صنع القرار في الأمم المتحدة لا يخصّ الصحافة والإعلام وكل مدني في العالم؟ ومن الأمم المتحدة تتمّ شرعنة السياسات، وكثير منها «غير حياديّ»؟.