غزة ــ رائد لافي
الفلسطينيون باتوا عملياً في دولتين وفي ظل حكومتين، ولا سيما مع انقطاع أي بوادر اتصال بين طرفي «السلطة» المشرذمة بين قطاع غزة والضفة الغربية


خطا الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة «حماس» أمس خطوات إضافية في «طريق معاكس»، عززا من خلاله الفصل القائم بين قطاع غزة والضفة الغربية، مع إصرار أبو مازن على قرار حل الحكومة وتكليف الوزير سلام فياض تأليف حكومة انفاذ حالة الطوارئ، فيما رفضت «حماس» الامتثال للمراسيم الرئاسية متسلحة بـ «نصرها العسكري».
وأكدت «حماس» تمسكها بحكومة الوحدة التي يترأسها إسماعيل هنية، ودعت عباس إلى «مراجعة حساباته». وقال هنية، للصحافيين بعد صلاة الجمعة في غزة، «ان اي معادلة داخلية لن تستقيم من دون توافقات وطنية ومن دون ترسيخ واحترام للشرعية الانتخابية، ولن تستقيم الأمور من دون الحركة الاسلامية ومن دون الاستفادة من كل طاقات الشعب الفلسطيني». وشدّد على «أن الطريق واسع لإعادة العلاقات الفلسطينية على اسس وطنية»، مطالباً الشعب الفلسطيني بالهدوء وضبط النفس. وأعرب عن اعتقاده بأن الشارع الفلسطيني سيشهد مع الإجراءات الجديدة تغييراً في أمنه الشخصي والعام.
وكان هنية قد وصف قرارات عباس بحل الحكومة وإعلان الطوارئ بأنها متسرعة وغير مدروسة العواقب، مؤكداً أن حكومة الوحدة ستمارس عملها ولن تتخلى عن مسؤولياتها.
وقال هنية، في مؤتمر صحافي في مدينة غزة فجر أمس، «إن الحكومة القائمة ستمارس عملها على أكمل وجه ولن تتخلى عن مسؤوليتها الوطنية والأدبية تجاه شعبنا الفلسطيني»، داعياً إلى الشروع في حوار وطني شامل وعلى أساس الحقوق والثوابت والوحدة الوطنية. وأضاف «وجودنا في الحكومة جاء بإرادة شعبية وديموقراطية وعبر صندوق الاقتراع، وحكومة الوحدة تمثل 96 في المئة من الشعب الفلسطيني. وإن هذا الوضع في الساحة الفلسطينية لا تصلح معه قرارات منفردة وبعيدة عن أي توافقات وطنية».
وفي إشارة واضحة إلى رضاه عن الحملة العسكرية التي شنتها «حماس» على المؤسسة الأمنية الفلسطينية، قال هنية إن بعض القادة الفلسطينيين تعاملوا مع المؤسسة الأمنية على أنها ممالك وإقطاعات، متهماً المدير العام للأمن العام رشيد أبو شباك بأنه «كان محور الارتكاز والحلقة المتقدمة في إفشال وزراء الداخلية سواء من فتح أو حماس، لأنهم لم يروا إلا أنفسهم ومصالحهم حتى لو كان ذلك على حساب الوطن والقضية والشعب والتوافق الوطني».
وحاول هنية بث رسائل طمأنة بعد التغيرات التي طرأت على الساحة الداخلية في غزة. وشدّد على التزامه النهج الديموقراطي واحترام كل مكونات النظام السياسي التي جاءت عبر الانتخابات، مشيراً إلى أن «حماس لا تسعى إلى إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة، الذي تنظر إليه على أساس أنه جزء من الدولة الفلسطينية».
وكان المستشار الإعلامي للرئاسة، نبيل عمرو، قد أعلن أن عباس كلف وزير المال السابق سلام فياض بتأليف حكومة الطوارئ التي ستتولى إنفاذ حال الطوارئ. وقال عمرو «سيبدأ رئيس الوزراء المكلف مشاوراته من هذه اللحظة للإعلان قريباً جداً عن حكومته»، مشيرا إلى أنه «لم يجر حسم عدد حقائب الحكومة وتشكيلاتها».
وقال المتحدث الإعلامي باسم حركة «فتح» جمال نزال، إن «الانقلاب الذي نفذته حماس على الديموقراطية الفلسطينية سيسجل في الذاكرة الوطنية على أنه اغتيال للديموقراطية والتعددية السياسية التي كرستها حركة فتح». وأضاف أن «حماس» «داست التعاليم الدينية للإسلام عندما قذفت بالمعارضين من على أسطح البنايات وأعدمت الأبرياء في الشارع في وضح النهار وقطعت الرؤوس بالسكاكين وأسكتت الإعلام المعارض».
وفي السياق، وصف مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات سيطرة «حماس» على قطاع غزة بأنها «أسوأ ما أصاب الفلسطينيين منذ هزيمة 1967». وقال «لقد بات قطاع غزة والضفة الغربية منفصلين وتبخرت الآمال في إقامة دولة فلسطينية. لقد أضحت غزة رسمياً خارج سيطرة السلطة الفلسطينية».
ودعا عريقات المجتمع الدولي إلى عدم جعل حياة الفلسطينيين في غزة اسوأ مما هي عليه الآن. وقال «ندعو المجتمع الدولي الى ضمان فتح معبر رفح» بين القطاع ومصر، مشيراً إلى أن هذا المعبر هو بوابة الخروج الوحيدة للفلسطينيين من غزة.