سارعت واشنطن أمس إلى تجديد دعمها للرئيس الفلسطيني محمود عبّاس (أبو مازن) في إطار النزاع الدائر في الأراضي الفلسطينيّة، مشدّدةً على أنّها لن تترك الملايين في غزة «تحت رحمة منظّمة إرهابية»، فيما أعربت القاهرة عن رفضها لأيّ «وصاية» على القطاع المضطرب، ورفضت موسكو نشر قوّات دوليّة هناك من دون موافقة «حماس» و«فتح».وقال المتحدّث باسم الرئاسة الأميركية سكوت ستانزل، على هامش زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش إلى ويتشيتا في وسط البلاد، «سنواصل العمل مع الرئيس عباس وسنعمل مع أولئك الذين اختاروا طريق السلام في صفوف الشعب الفلسطيني»، مضيفاً «لن نساعد بالتأكيد على القضاء على آمال قسم كبير من الفلسطينيين الذين يطمحون للعيش في دولة آمنة ومستقرة وديموقراطية»، ومشيراً إلى أنّ هذه الأزمة ستكون في صلب مباحثات بوش مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في واشنطن الأسبوع المقبل.
وفي إطار الدعوات إلى إرسال قوّات دوليّة إلى قطاع غزّة، التي كان آخرها اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس، عن رؤية بلاده بأنّه لا يمكن إرسال تلك القوّات من دون موافقة الأطراف الفلسطينية المتنازعة.
ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن لافروف مناشدته «فتح» و«حماس» التمسّك بـ «اتفاق مكّة»، ومطالبته بوضع نهاية لسفك الدماء، وتشديده على استعداد بلاده للمساعدة في نشر الاستقرار في المنطقة وإيجاد حلّ للصراع العربي ــــــ الإسرائيلي من خلال عضويتها في «الرباعية» الدولية.
وأشارت الوكالة نفسها إلى أنّه تمّ مبدئياً إلغاء زيارة أبو مازن لموسكو التي كانت مقررة في الفترة من 19 إلى 21 من الشهر الجاري بسبب الوضع المتوتّر في غزة.
وفي القاهرة، أكّد مصدر مسؤول في تصريح لوكالة أنباء «الشرق الأوسط» المصريّة أنّ مصر «ترفض قطعاً مبدأ فرض أيّ وصاية على قطاع غزة، بما فيها وصايتها».
وقال المصدر إنّ «جميع الجهود التي تبذلها مصر تستهدف استقلال الشعب الفلسطيني وتحقيق سيادته الكاملة على كامل أرضه ومقدراته»، موضحاً أنّ هذا الأمر «كان قد سبق أن أثير أثناء مباحثات السلام بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن، وأنّ مصر رفضت وقتها مبدأ الوصاية المصرية على قطاع غزة».
وأعرب أعضاء لجنة «الرباعيّة» الدوليّة للوساطة في الشرق الأوسط، التي تضمّ الولايات المتّحدة وروسيا والاتّحاد الأوروبي والأمم المتّحدة، عن «قلق كبير» بشأن الوضع الإنساني للفلسطينيّين. وأعلنت متحدثة باسم المنسّق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، أنّ الأعضاء تعهّدوا، خلال مؤتمر عبر الدائرة التلفزيونية، تقديم الدعم الكامل لعباس في النزاع الحاصل، وفي سعيه إلى تأليف حكومة طوارئ.
وفي هذا السياق، وجّه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير نداءً إلى الاتحاد الاوروبي لـ «التخفيف من معاناة» الفلسطينيين «قبل فوات الأوان»، و«الحؤول دون توسّع هذه المعركة الرهيبة» من قطاع غزة إلى الضفة الغربية.
أمّا موقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فقد عبّر عنه مستشاره للشؤون الإنسانية يان إغلند بقوله إنّ جميع الأطراف قد فشلت في الاستماع للتحذيرات من العنف الوشيك. وأضاف، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أنّ اسرائيل «تقوّض أمنها الخاصّ»، مبيّناً أنّه من «الحتميّ» أن يتحوّل الشباب الفلسطينيون إلى التطرّف.
واعترف إغلند بأنّ الآمال في قيام دولة فلسطينية سالمة وتعيش في رخاء قد «ماتت» بالفعل، موضحاً أنّ «هذا كان متوقعاً، وهو تسلسل زمني لانهيار معلن».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)