القاهرة ــ عبد الحفيظ سعد
انفجرت أول من أمس فتنة طائفية جديدة بين المسلمين والأقباط، في مدينة الواسطي جنوب القاهرة، حيث جرت مشاجرة بين عائلتين من المسلمين والمسيحيين، أسفرت عن إصابة ٤ أشخاص، نُقلوا إلى مستشفى الواسطي المركزي.
وألقت قوات الأمن القبض على ٣٥ مواطناً من الجانبين، في هذا الحادث الذي وقع بسبب سقوط فتاة من عائلة مسلمة، مغشياً عليها بعدما صدمها شاب مسيحي يدعى ناصر جرجس، بدراجته. وعلى الفور، تجمهر أهل وجيران الفتاة، الذين اعتقدوا أنها توفيت، فتوجهوا إلى منازل تعود إلى المسيحيين وقذفوها بالطوب والحجارة، ما سبّب وقوع بعض الخسائر.
وتعدّ هذه الحادثة الطائفية، الفتنة الثالثة خلال شهر واحد والثانية في أسبوع بعد مواجهة أحبطتها قوات الأمن في مدينة الدخيلة على حدود مدينة الاسكندرية.
وكانت القضية الأبرز أزمة بناء الكنائس التي تعدّ السبب المحوري لأي صراع يتفجر بين المسلمين والأقباط في مصر. حدث ذلك في قرية بمها (إحدى قرى مدينة العياط) جنوب محافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة، حيث تفجّر الصراع بين مسلمي القرية ومسيحيّيها إثر شائعة راجت وسط المسلمين بأن أقباط القرية ينوون بناء كنيسة في أحد منازل الأقباط. فتجمّع المسلمون عقب صلاة الجمعة وهجموا على بيوت المسيحيين، ما أسفر عن احتراق ما يزيد على عشرين منزلاً وخمسة متاجر وإصابة عشرة أشخاص.
ولكن بعد مرور أسبوع، تصالح الطرفان بتدخل الكنيسة وعاد الهدوء الى القرية. غير أن هذا الحل لم يرض بابا الكرازة المرقسية الأنبا شنودة الذي كتب في افتتاحية جريدة «الكرازة» يستنكر الحادث ويطالب المسؤولين بالبحث عن حل في ظل استمرار حوادث الفتنة. وأدّى هذا الموقف الى شبه قطيعة بين نظام مبارك والكنيسة الأرثوذكسية، ولا سيما حين قرر البابا عودة القس فلوبوتبير بعد عزله من الكنيسة بسبب موقفه المؤيد للمرشح الرئاسي السابق أيمن نور.
وأعطى قرار الكنيسة الأخير انطباعاً بأن الكنيسة تفكّ الارتباط والتأييد لنظام مبارك، ولا سيما في ظل إشارات البابا شنودة باعتراضه على توريث الحكم لنجل الرئيس جمال مبارك.
ولم تتمكن الحكومة المصرية من إقرار قانون موحّد لبناء دور العبادة للمسلمين والأقباط، في ظل وجود الانتقادات الخاصة لها بعدما أعطت الحق للأقباط ببناء كنائس لهم، وذلك رغم الطفرة الكبيرة التي أعقبت إلغاء الرئيس مبارك للقانون المعروف بالخط الهمايوني، وهو قانون يمنع بناء الكنائس او ترميمها، إلا بعد موافقة رئيس الجمهورية، وهو قانون قديم جداً يعود صدوره الى السلطان العثماني عام 1856.
ورغم إلغاء الخط الهمايوني، إلا أن بناء الكنائس لا يزال السبب الرئيس للفتن الأخيرة، وهو ما دفع الى تقديم مشروع قانون البناء الموحّد لدور العبادة، الذي يضع قواعد عديدة لبنائها، مثل الحاجة اليها وعدم وجود أزمات في بنائها. ويعتقد صاحب المشروع المقدم الى مجلس الشعب محمد الجويلي أن إقرار هذا القانون سيحل كثيراً من الأزمات وأحداث الفتنه الطائفية، لأنه سيضع حداً للنزاعات لأن القانون يحدّد قواعد واضحة لعملية البناء وهو يحتاج كما أشار الى عملية توعية به.