غزة ــ رائد لافي
بدأت بعض خفايا وتفاصيل «الانقلاب الدرامي» في الظهور، بعد ثلاثة أيام من إحكام حركة «حماس» سيطرتها المطلقة على مفاصل الحياة في قطاع غزة، إثر معارك دامية خلفت نحو 120 قتيلاً مع الأجهزة الأمنية الموالية لحركة «فتح»، فيما تواصلت عمليات القتل في القطاع، وسط تهديدات متبادلة من «حماس» و«فتح» بنقل المعركة إلى الضفة الغربية.
وكشفت مصادر في «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، أن خطة معركة الحسم ضد ما تسميه «التيار الانقلابي» كانت «وليدة اللحظة»، ولم يتم إعدادها سلفاً كما تدّعي أوساط في «الجبهة المنهزمة».
وقالت المصادر، لـ«الأخبار»، إن «المستوى العسكري طالب المستوى السياسي في الحركة بمنحه 72 ساعة فقط لإعلان النصر على المؤسسة الأمنية الرسمية التي توفر الغطاء للتيار الخياني في حركة فتح، وهو ما تمت الموافقة عليه بإجماع قيادة الحركة في غزة والضفة والخارج».
وقالت مصادر أخرى إن «حماس» استغلت تعاون عدد من القادة الأمنيين في «المنتدى» وأجهزة أمنية أخرى، لإنجاح خطتها العسكرية، من خلال معلومات عن تحركات للمؤسسة الأمنية تم تسريبها في وقت مناسب للجناح العسكري في «حماس».
وعلمت «الأخبار» من مصادر متعددة في حركة «حماس» أن الوفد الأمني المصري، غادر قطاع غزة، احتجاجاً على اعتقال عناصر «كتائب القسام» عدداً من قادة حركة «فتح»، الذين لجأوا إلى مقر إقامة الوفد القريب من «المنتدى» في مدينة غزة، هرباً من الملاحقة بغرض الانتقام.
في هذا الوقت، أفادت مصادر طبية فلسطينية أن أربعة نشطاء من حركة «فتح» قتلوا في مناطق مختلفة من قطاع غزة برصاص مسلحين مجهولين. كما تم العثور على جثتين لعضوين من حركة «حماس» في مقر الأمن الوقائي في غزة كانا قد قتلا قبل أيام.
ووقعت اشتباكات مسلحة بين أفراد «كتائب القسام» وإحدى العائلات الكبيرة في خان يونس أثناء قيام الكتائب بحملة مداهمات بحثاً عن أسلحة، ما أدى إلى إصابة 11 فلسطينياً من الطرفين بجروح.
وأفادت نقابة الصحافيين الفلسطينيين، أمس، بأن مسلحين اقتحموا مقرها في غزة واستولوا على محتوياتها.
واستنكر المتحدث الرسمي باسم حركة «فتح»، أحمد عبد الرحمن، اقتحام مسلحين من حركة «حماس» منزل الزعيم الراحل ياسر عرفات في غزة، مشيراً إلى أن هذا الاقتحام جاء بالرغم مما قيل عن ضمانات قدمها رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل بأن أحداً لن يمس المنزل. وقال عبد الرحمن «إن عصابات حماس اقتحمت منزل القائد الرمز الرئيس الشهيد عنوة وكسرت أبوابه وحطمت ونهبت كل محتوياته، بما فيها متعلقات ابنته زهوة وزوجته السيدة سهى عرفات».
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، خالد أبو هلال، إن رئيس الوزراء، ووزير الداخلية المقال، إسماعيل هنية أصدر قراراً بتشكيل مجلس أعلى لجهاز الشرطة يتولى تسيير عمل جميع أقسامها. وأوضح أن «هناك مسؤولين في رام الله قد أصدروا تعليمات إلى جهاز الشرطة وجهاز الدفاع المدني في قطاع غزة بالانسحاب من مواقع عملهم وكأنهم بذلك يوجهون دعوة تقول: دعوا غزة تحترق».
وشدد أبو هلال على أنه «سيتم التعامل مع كل من يضع لثاماً على أنه مشبوه»، مشدداً على ضرورة عدم التعامل مع أي ملثم، وأن على «المقاومين أن يضعوا اللثام في مناطق الاحتكاك المباشر مع العدو الإسرائيلي».
وفي الضفة الغربية، دعا المتحدث باسم «فتح»، سمير نايفة، «جميع رموز حركة حماس للتوجه إلى وسائل الإعلام وإعلان البراءة من الجرائم التي ارتكبها قادتهم ضد رموز الشرعية من مؤسسات وقتل لأفراد الأجهزة الأمنية وانتهاك للحرمات والانقلاب على السلطة في قطاع غزة».
وقال نايفة، في بيان، إن «كل الجرائم التي ارتكبتها حماس جاءت من دون أي مبرر إلا جشعهم لاعتلاء المناصب وغريزة القتل المتأصلة في نفوسهم». وطالب عناصر حماس «في طولكرم والمحافظات الأخرى (بالضفة) بتسليم أسلحتهم إلى الجهات المختصة، بعدما ثبت للشعب الفلسطيني أن هذا السلاح لم تشتره حماس إلا لقتل الفلسطيني وللانقلاب على السلطة وليس محاربة الاحتلال وتحرير الوطن».
وخربت عناصر «كتائب الاقصى» عشرة مكاتب لمنظمات مرتبطة بحركة «حماس» في الضفة الغربية. وقال شهود إنه تم تخريب مدرسة إسلامية ومركز ثقافي ومنظمات خيرية، إضافة إلى مقر تلفزيون وإذاعة.
وهددت «حماس» بالرد في الضفة الغربية إذا لم توقف حركة «فتح» «الإرهاب» ضد عناصرها. وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، إن «150 من أنصار حماس خطفوا في الضفة الغربية عقب تولي حماس السيطرة على قطاع غزة». وأضاف «إن ما يحدث في الضفة الغربية هو انقلاب حقيقي وإرهاب حقيقي»، مشيراً إلى أن «حماس» لن تقف مكتوفة الأيدي حيال «هذه الجرائم في الضفة الغربية» وستتخذ كل الخطوات اللازمة لضمان وضع حد «لهذه الجرائم».