أعلنت الخرطوم، أمس، «موافقتها غير المشروطة» على نشر القوة المختلطة المكوّنة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لوقف العنف في إقليم دارفور، وذلك بعد أسابيع من عناد دبلوماسي، تجلّى بأبهى صوره في خطاب شهير ألقاه الرئيس عمر البشير قبل نحو شهر، أوحى فيه للعالم أنّ بلاده سائرة نحو المواجهة مع المجتمع الدولي. وقال مندوب جنوب أفريقيا في الأمم المتحدة، ورئيس الوفد الذي شكّله مجلس الأمن الدولي للتفاوض مع القيادة السودانية بشأن قضية دارفور، دوميسانو كومالو، إثر اجتماع مع البشير في الخرطوم، أمس، إن «السودان وافق بلا شروط على نشر قوة مختلطة من المقرّر أن تتألف من أكثر من عشرين ألف جندي وشرطي»، لتأخذ مكان القوة الأفريقية الحالية في دارفور المؤلفة من سبعة آلاف عنصر، والتي تعاني سوء تجهيز ومشاكل مالية.وتركّز الخلاف الأخير بين السودان والوفد الدولي، حول السيطرة على قيادة القوة المختلطة، التي سيغلب عليها الطابع الأفريقي، إذ تشترط الخرطوم أن يكون عديد القوة بغالبيته أفريقياً، وأن تكون القيادة والسيطرة للاتحاد الأفريقي.
لكنّ كومالو أشار إلى أن وزير الخارجية السوداني لام أكول «أوضح أن القيادة هي عملية خاصة بالأمم المتحدة، وخصوصاً أنّ المنظّمة الدولية ليست مستعدة لتمويل بعثة لا تخضع لسيطرتها الشاملة».
وقال دبلوماسيون إن صياغة تقرير الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي الذي يحدّد تفاصيل القيادة والسيطرة على القوة، تتسم بالغموض، بعدما أسقطت التوصيات التي كانت تشير بشكل محدّد إلى أن المنظمة الدولية ستكون لها السيطرة الكاملة على القوة، عقب احتجاجات من الاتحاد الأفريقي.
وقال مندوب بريطانيا في الأمم المتحدة، والعضو في الوفد الدولي، أمير جونز باري، «أكّدت القيادة السودانية بما لا يدع مجالاً للشك، أن الاتفاق الذي طرحه الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة مقبول من دون شروط وأن الأولوية الآن هي لتنفيذه». ورفض القول إن كانت المنظمة الدولية ستوافق الآن على تمويل البعثة كما طلب الاتحاد الأفريقي.من جهتها، ناشدت الفصائل المسلّحة في دارفور، مجلس الأمن «عدم الوثوق بتصريحات سطحية تصدر عن الحكومة». وقال أحمد عبد الشافي، وهو شخصية رفيعة المستوى في جيش تحرير السودان، «يجب أن يمارسوا المزيد من الضغوط على حكومة الخرطوم وألا يعتمدوا على تصريحات الخرطوم وحدها».
وكان وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط قد أجرى، أمس، محادثات مع وزير الدولة السوداني للشؤون الخارجية علي كرتي في القاهرة، ناقشا فيها «العوامل الفنية التي تحتاج إلى التفاهم حولها حتى تكون المساهمة المصرية بالقدر المتوقع من مصر»، بحسب ما أعلن كرتي.
(رويترز، يو بي آي، د ب أ، أ ف ب)