حذّر الملك السعودي عبد الله، في مقابلة نشرتها صحيفة «إل باييس» الإسبانية، أمس، من أنّ الصراع في الشرق الأوسط «المثقل بالهموم» قد «يُفضي إلى انفجار عالمي»، موضحاً أنّ مخاوفه «شبيهة بمخاوف كل الناس العقلاء»، مشدّداً على أنّ بلاده تبذل «جهوداً كثيفة» من أجل التوصّل إلى السلام.وأشار عبد الله، الذي تحدّث في مقرّ إقامته في مزرعته في إحدى ضواحي الدار البيضاء في المغرب، قبيل توجّهه إلى إسبانيا في بداية جولة تشمل: فرنسا، بولندا، الأردن ومصر، إلى أنّ «الشرق الأوسط قد عانى من أحد أطول الصراعات على الإطلاق، وهو الصراع الفلسطيني ـــ الإسرائيلي، ومن نتائجه التي ترتّب عنها الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية».
وأوضح الملك السعودي، في إشارة إلى الصراعات الدائرة، أنّه «على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة من جانبنا لإيجاد حل لتلك القضية (الفلسطينية)، إلا أن حالات الاضطراب امتدّت لتشمل كلاً من العراق ولبنان، من دون إغفال الوضع في (الإقليم السوداني المضطرب) دارفور».
وتابع عبد الله، الذي أشارت تقارير إعلاميّة أمس إلى أنّه يأمل خلال جولته الحصول على مساعدة الأوروبيين لإنهاء العنف بين الفلسطينيين وإطلاق محادثات السلام مجدداً مع إسرائيل، أنّه «وبجانب كل تلك الصراعات هناك الملف النووي (الإيراني) وظاهرة الإرهاب»، مبيّناً أنّه «بهذا الشكل نرى كيف تغلغلت الصراعات في المنطقة، وهو الأمر الذي يشغلنا إلى حدّ كبير».
وأوضح الملك أنّّ بلاده «لا تدعم تخصيب اليورانيوم بهدف التسلّح في المنطقة»، مشدّداً على أنّ «حلّاً سلمياً قائماً على الحوار البعيد عن التشنّج المهيمن»، هو خير طريق لمعالجة الأزمة القائمة مع إيران، ولجعل الطموحات النوويّة محصورةً في الشق السلمي. وتابع في إشارة إلى إسرائيل «لنأمل أن تطبق هذه المقاييس على جميع دول المنطقة ومن دون استثناء».
وأشار عبد الله إلى أنّ اللقاء الذي جمعه برئيس «الدولة الجارة» الإيراني محمود أحمدي نجاد، في الرياض في آذار الماضي، «كان مهماً للبحث وتبادل وجهات النظر تجاه العديد من قضايا المنطقة، من بينها العراق ولبنان وفلسطين وتنامي الصراعات المذهبية»، معرباً عن أمله في أن يتمّ تطبيق نتائج المباحثات على أرض الواقع.
وفي ردّ على سؤال حول ما إذا كان يجب على المجتمع الدولي تقبّل «إيران بسلاح نووي»، قال عبد الله «أنا مقتنع بعمق بأنّ العالم سيكون أفضل من دونها (الأسلحة النووية الإيرانيّة)».
ولدى التطرّق إلى إشارة العديد من المحلّلين إلى مقولة أنّ «السعوديّة تمثّل منبع الإرهاب الدولي»، قال الملك «لا شك في أن تطوّر الأوضاع في الوقت الراهن عمل على تفسير الأمور على نحو خاطئ، فالخلايا الإرهابية تتواجد في القارات الخمس بمختلف بلدانها»، موضحاً في هذا السياق، أنّه «إذا أردنا التعرّف إلى جذور الإرهاب الدولي، فيجب علينا أن نوجّه أنظارنا إلى مراكز الصراعات الدولية، التي يستغلّها المهاجرون كمجال خصب لتنفيذ خططهم الإجرامية».
وبيّن عبد الله رغبة الرياض «في دعم سبل التعاون مع إسبانيا لدعم الجهود الرامية إلى إحلال السلام في دول الشرق الأوسط»، من دون أن يغفل الإشارة إلى مبادرة رئيس الحكومة في مدريد خوسيه لويس ثاباتيرو، الذي يلتقيه اليوم، الداعية إلى الحوار وتحالف الحضارات والوفاق بين الغرب والعالم الإسلامي.
واختتم الملك السعودي، بالتطرّق إلى قضايا المملكة الداخليّة، مشدّداً على أهميّة الدور الذي تلعبه المرأة السعودية في الوقت الحالي، «والذي يشهد تطوراً متنامياً دائماً في إطار تعاليم ديننا الإسلامي، وعاداتنا الشرقية». وقال «لا أرى نفسي سوى رجل عادي، ولا أجد نفسي أمثّل الزعامة في ما يختصّ بعملية الإصلاح مثلما تصفني الجرائد».
وتأتي زيارة عبد الله إلى إسبانيا، التي تُعدّ الزيارة الرسمية الأولى له منذ تولّيه سدّة الحكم في عام 2005، بعد زيارة ملك إسبانيا خوان كارلوس وقرينته إلى المملكة في عام 2006.
(أ ب، د ب أ، أ ف ب)