غزة ــ رائد لافيرام الله ــ الأخبار

شرع طرفا الصراع الفلسطيني، أمس، في تعميق الانقسام بينهما. ففيما بدأ رئيس «حكومة الوحدة» إسماعيل هنية إجراء مشاورات لتوزيع الحقائب الوزارية التي كان يشغلها «فتحاويون»، قرّرت «فتح» رسمياً، أمس، قطع أي قناة اتصال مع «حماس»، في وقت تواصل فيه الرفض المتبادل لشرعية حكومتي هنية و«الطوارئ».
وكشف وزير الشباب والرياضة في حكومة هنية باسم نعيم، عن مشاورات يجريها هنية لاختيار وزراء جدد لشغل الحقائب الوزارية الشاغرة، أو تلك التي يرفض وزراؤها التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية. وأضاف أن هنية استهل مشاوراته بالحديث مع شخصيات لشغل حقيبتي المال والسياحة، فيما لا تزال بقية الوزارات قيد البحث. وأشار إلى أنه «من المقرر أن يشغل بعض الوزراء أكثر من حقيبة وزارية».
ومن المرجح أن يختار هنية وزراء الحكومة الجدد من قطاع غزة، على غرار حكومة الطوارئ التي يترأسها الدكتور سلام فياض، وتضم 11 وزيراً يقيمون في الضفة الغربية، ما يعتبره المراقبون «تعزيزاً للفصل السياسي والجغرافي بين شطري الوطن».
وشنت «حماس» هجوماً شرساً على حكومة الطوارئ، التي قال القيادي في الحركة خليل أبو ليلة إنها «تتعارض مع الخيار الديموقراطي للشعب الفلسطيني، وهي على غرار الحكومات التي أنشأتها الولايات المتحدة في بعض الدول خدمة لمصالحها». وأضاف «يبدو أن الهدف من إعلان تأليفها هو تنفيذ السياسات الاستفزازية الأميركية في المنطقة، وبالتالي فإنها ستلحق أشد الضرر بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة».
وقال خليل الحية، رئيس الكتلة البرلمانية لـ«حماس» في مؤتمر مشترك مع القيادي سامي أبو زهري في غزة، «إن ما حدث في قطاع غزة لم يكن مخططاً له من قبل حماس، ولم تكن الحركة تتمناه، بل حذرت منه مراراً وتكراراً جرّاء الممارسات اللاوطنية». وشدد على موقف حركة «حماس» «حول ضرورة وجود حوار أخوي وطني، مستهجناً الأصوات التي تحرّم الحوار مع حماس وتستجديه مع الكيان الصهيوني».
وفي خصوص حكومة الطوارئ، قال الحية «إن التهافت الدولي للتعامل والاعتراف بحكومة الطوارئ يجلي لنا بشكل واضح طبيعة التعامل مع القضية الفلسطينية من قبل المجتمع الدولي الذي يرغب بوجود حكومات على هواه ومزاجه حتى لو خالفت القانون الأساسي».
بدوره، شن أبو زهري هجوماً حاداً على عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه. وقال إنه «أساء الأدب في الحديث عن (الأمين العام للجامعة العربية) عمرو موسى المعروف بمواقفه الوطنية والقومية المشرفة». غير أنه حضّ الحكومات العربية على التزام الحياد وعدم اتخاذ أي إجراءات يمكن أن تمثّل دعماً لطرف فلسطيني في مواجهة طرف آخر.
وقال سامي أبو زهري إن الإعلان الأميركي والأوروبي عن تقديم الدعم المالي والسياسي للسلطة الفلسطينية «يعكس طبيعة المؤامرة على حماس والشعب الفلسطيني».
وحذّر أبو زهري من الاعتداء على «حماس» في الضفة الغربية. وقال إن «الاعتداءات على مؤسسات وأبناء حماس في الضفة لا تزال متواصلة بأشكال متعددة، ونحن نحاول حلها بشكل هادئ وضبط النفس حتى لا تنفجر مثلما انفجرت في غزة».
ودعا رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة أحمد بحر، أمس، «الشرفاء» للضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس «لوقف انقلابه على الدستور والشرعية الفلسطينية». وجدد، في رسالة أرسلها إلى رؤساء البرلمانات العربية والإسلامية والأجنبية والاتحاد البرلماني العربي والدولي والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، «تمسك البرلمان باتفاق مكة ووثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني والخيار الديموقراطي والقانون الأساسي الفلسطيني».
في المقابل، قررت اللجنة المركزية لحركة «فتح» عدم إجراء أي حوار أو اتصال أو لقاء مع حركة «حماس» على أي مستوى.
وقال رئيس كتلة «فتح» البرلمانية عزام الأحمد، إثر اجتماع اللجنة، إن «القرار جاء للتأكيد على قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقف جميع أشكال الاتصال مع حركة حماس في ضوء العملية الانقلابية التي قامت بها على السلطة الفلسطينية الشرعية في قطاع غزة».
في هذه الأثناء، قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة، إن عباس سيلقي خطاباً أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية اليوم «يوضح فيه ما جرى في القطاع، والخطوات التي ستتخذ وطبيعة القرارات التي ستطبق».
ودافع أبو ردينة، في تصريحات صحافية، عن قرار الرئيس عباس بتأليف حكومة طوارئ، على أساس أنها «الطريق الوحيد للحفاظ على المكاسب الوطنية، ووحدة الأراضي الفلسطينية، وعلى مستقبل القضية الفلسطينية»، موضحاً أن «القيادة الفلسطينية لن تسمح لأحد بإجراء أي انفصال أو عزل للقطاع عن الضفة».
وجدد أبو ردينة التأكيد أنه «لا حوار ولا مفاوضات مع حركة «حماس» ولا علاقات معها، لأنها قامت بانقلاب وبجريمة ضد القانون»، مشيراً إلى أن «البداية لأي حوار يجب أن يسبقها الانسحاب الكامل من كل المواقع، وإعادة الشرعية إلى نصابها الطبيعي».