موسكو ــ الأخبار
بدأت، أمس، في العاصمة الأذريّة باكو، أعمال قمة رؤساء الدول أعضاء منظمة التنمية الاقتصادية والديموقراطية، «غوام»، التي تضم الدول السوفياتية السابقة المناهضة للنفوذ الروسي، أذربيجان، جورجيا، أوكرانيا ومولدوفا.
ووفقاً للمكتب الإعلامي للخارجية الأذرية، وُجِّهت الدعوات إلى ممثلي 33 دولة وهيئة دولية لحضور القمة، ومن بينها ألمانيا رئيسة الاتحاد الأوروبي الحالية، إسبانيا رئيسة منظمة الأمن والتعاون الأوروبي الحالية، وحلف شمالي الأطلسي، ومجلس أوروبا، والأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ورابطة الدول المستقلة، ومنظمة البحر الأسود للتعاون الاقتصادي، واليونسكو، والولايات المتحدة، والصين، واليابان وغيرها.
ويُعتبر هذا الحشد العالمي الضخم، التظاهرة الدبلوماسية الأضخم في نشاط هذه المنظمة، التي أعلنت نفسها في 25 أيار 2006 في كييف، منظمة دولية، كبديل عن رابطة الدول المستقلة، وتسعى اليوم للانضمام إلى الأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية.
ويحتل موضوع تشكيل كتيبة مؤلّفة من دول الـ«غوام» لحفظ السلام في جورجيا ومولدوفا وناغورني كراباخ، قائمة المواضيع على طاولة اجتماعات الرؤساء. لكن وزراء خارجية الجمهوريات غير المعترف بها (أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا في جورجيا وترانسدنيستريا في مولدوفا)، أعلنوا الأسبوع الماضي، بأن زعماء بلادهم سيتخذون إجراءات ملائمة للحؤول دون استبدال قوات حفظ السلام الروسية، بقوات أخرى في مناطق النزاعات.
ويرى المحلّلون في تصريحات الرئيس الأوكراني فيكتور يوشينكو حول إمكان توسيع «المنظّمة» الوليدة، محاولة منه للعب على الخلافات المتفاقمة أخيراً بين روسيا والغرب، وسعياً منه للعب دور الزعيم الإقليمي في مواجهة موسكو. ويسانده في هذا السعي، الرئيس البولندي، ليخ كاتشينسكي، ورئيس ليتوانيا فالداس أدامكوس، المتحمّس لخروج جميع أعضاء الـ«غوام» نهائياً من تحت عباءة موسكو، ورئيس رومانيا ترايان باسيسكو، حيث أعلنت بوخارست نفسها منذ أمد طويل، محامية عن مولدوفا في الاتحاد الأوروبي.
وقبيل ذهابه إلى باكو، أدلى الرئيس الأوكراني إلى وسائل الإعلام الأذرية بحديث صحافي، اعتبر فيه المشاريع الاقتصادية من أولويات نشاط المنظّمة الإقليمية الجديدة، ومنها مشروع مد أنبوب نفطي من أوديسا في أوكرانيا إلى بولندا، ومشروع بناء سكة حديدية من باكو إلى تبيليسي، وصولاً إلى أوكرانيا.
تجدر الإشارة إلى أن المجتمعين سيتابعون مناقشة مبادرات التعاون في مجال الطاقة، التي طرحت في قمّة كراكوف في بولونيا في 11-12 أيار من العام الجاري، حيث اتفقت أوكرانيا وبولونيا وليتوانيا وجورجيا وأذربيجان على مد الأنبوب النفطي المذكور ومشاريع طاقة أخرى في هذه القمة، غير أنّ الاتفاق، الذي توصّل إليه رؤساء روسيا وكازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان في 10 أيار الماضي، على بناء خط عام لنقل الغاز إلى أوروبا عبر روسيا، كان صفعة موجعة لـ«النصر» المأمول.
ومن دون انضمام كازاخستان الزعيمة الاقتصادية الإقليمية الكبرى، أو تركمانستان الغنية بالغاز، فلن تنال الهيبة الدولية المطلوبة.
ويرى المحلّل السياسي الروسي ميخائيل ليونتيف أن «غوام» هي «حلف أطلسي للأطفال، لا تستطيع القيام بشيء، «سوى التهويل»، وذلك لعدم وجود القوات العسكرية اللازمة لأي فاعلية مطلوبة، ولا المقدرة الاقتصادية اللازمة، إذ ليس بين أعضائها دول منتجة للطاقة سوى أذربيجان، وبالتالي فمن المستحيل أن تستطيع هذه الدولة القيام لوحدها بدور «محطّة البنزين» لشريكاتها، وخصوصاً أنّ السياسة كما هو معلوم، هي امتداد للاقتصاد، الذي يخبّئ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مفتاحه في جيبه ويبرزه عند الحاجة.