بوفاة الشاعرة العراقية نازك الملائكة أمس، خسرت المكتبة العربية اسماً من أبرز أسماء شعراء القرن العشرين الذين صنعوا «نهضة» الحضارة العربية في الشعر والأدب والثقافة عموماً. والملائكة الهاربة من «جحيم» العراق، وطنها الذي أحبّت والذي اضطرّت لهجره منذ ستينيات القرن الماضي، لم تجد أفضل من القاهرة، حيث وافتها المنيّة بعد هبوط حاد في الدورة الدموية، عن عمر يناهز 84 عاماً. وستشيَّع ظهر اليوم، وتُدفن في مقبرة للعائلة غربي القاهرة.ولدت نازك صادق الملائكة في بغداد يوم 23 آب عام 1923 من أم تنشر الشعر في المجلات والصحف العراقية باسم «أم نزار الملائكة»، وأب ترك مؤلّفات أهمها موسوعة «دائرة معارف الناس» المؤلّفة من عشرين مجلداً. والملائكة لقب أطلقه بعض الجيران على عائلة الشاعرة، بسبب ما كان يسود البيت من هدوء، ثم انتشر اللقب وحملته الأجيال التالية.
وتُعد الملائكة من أبرز رواد الشعر العربي الحديث الذين تمرّدوا على الشعر العمودي وجدّدوا في شكل القصيدة، حين كتبت شعر التفعيلة متخلية عن القافية لأوّل مرة في تاريخ الشعر العربي. ونشرت الشاعرة قصيدتها الشهيرة «الكوليرا» عام 1947، فسجّلت اسمها في مقدمة مجددي الشعر مع الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب (1926ـــــ 1964)، وعَدَّ النقّاد هذه القصيدة بداية ما عُرف في ما بعد بالشعر الحرّ.
وفي إحدى قصائدها رثت الملائكة «امرأة لا قيمة لها»، قالت فيها:
ذهبتْ ولم يَشْحَبْ لها خَدٌّ ولم ترجفْ شفاهُ/ لم تسْمعِ الأبوابُ قصَّةَ موتِها تُرْوَى وتُرْوَى/ لم ترتفعْ أستارُ نافذةٍ تسيلُ أسىً وشَجْوَا / لتتابعَ التابوتَ بالتحديـقِ حتى لا تـراه / إلا بقيَّـةَ هيكلٍ في الدربِ تُرْعِشُه الذِّكَرْ / نبأٌ تعثَّرَ في الدروبِ فلم يَجد مأوىً صـداهُ
فأوى إلى النسيانِ في بعضِ الحُفَـرْ
يَرثي كآبَتَهُ القَمَرْ .
(الأخبار، رويترز)