رام الله، غزة ــ الأخبار
حرب الاتهامات بين «فتح» و«حماس» تجاوزت الإطار الداخلي لتشرك أطرافاً إقليمية، وخصوصاً إيران وسوريا، في ما تسميه السلطة «انقلاب غزة»، وهو ما نفته طهران و«حماس»

اتهم نائب رئيس المخابرات الفلسطيني توفيق الطيراوي، أمس، إيران بتدبير «انقلاب» حركة «حماس» في قطاع غزة. وقال، في مؤتمر صحافي في رام الله، إن «كل الحركة الانقلابية في غزة كانت وفق برنامج إيراني. ونعرف أن المئات من حماس خرجوا من غزة وتدربوا في إيران وبعض الدول العربية، في الوقت الذي لم تقم أي دولة بتدريب الفلسطينيين، باستثناء مصر التي دربت عدداً من حراس الرئاسة وكتيبة من البحرية».
وأضاف الطيراوي أن «عناصر حماس تدربوا عند أحزاب في بعض الدول العربية على عمليات الاقتحام والقتال، وكان هناك اجتماع لهم في إحدى الدول العربية قبل عملية الانقلاب بشهر تقريباً، جمع كل قادة القسام العسكرية مع قادتهم في سوريا وتمت مناقشة كل تفاصيل عملية الانقلاب». وأشار إلى أنه «حذر المستويات السياسية الفلسطينية قبل أكثر من عام مما تعدّ له حماس من عملية عسكرية ضد مؤسسات السلطة الفلسطينية».
واتهم الطيراوي، أمس، قادة في «حماس» بالتورط في عمليات اغتيال بالتعاون مع المخابرات الإسرائيلية. وقال «أتحدى قادة حماس المتبجحين بأن يكشفوا أي وثيقة تثبت وجود أي تنسيق أمني بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وإسرائيل منذ بداية الانتفاضة»، مشيراً إلى أن «حماس هي من يلهث وراء الاتصال بالأميركيين والإسرائيليين الآن».
وذكر الطيراوي أن «من اغتال قائد كتائب القسام في الانتفاضة الأولى عماد عقل هو العميل وليد حمدية، وكان يعمل إمام مسجد وكان من قادة وكوادر حركة حماس». وأشار إلى أن شقيق النائب عن حركة «حماس» حالياً، مشير المصري، فوزان، «كان مكلفاً القيام بعملية استشهادية في الضفة الغربية في التسعينات. وعندما عرف شقيقه اتصل بالأجهزة الأمنية في الضفة لمنعه من القيام بالعملية، حيث قامت الأجهزة الأمنية بالتحفظ عليه وتهريبه إلى قطاع غزة».
وتساءل الطيراوي «هل تجرؤ حماس أن تقول لنا كيف اغتيل أبو شنب والمقادمة والغول ويحيى عياش؟ ونريد أن نسأل قادة الانقلاب: من أبلغ عن وجود صلاح شحادة في بيته ليتم اغتياله؟ ونسأل محمد الضيف: أين كان يختفي طيلة الانتفاضة، وحين أعاد الاتصال بقيادة حماس أصيب بجراح خطيرة في غارة إسرائيلية؟»
ورداً على ما قالته «حماس» من أن لديها وثائق تثبت تآمر الأمن الوطني مع إسرائيل ضد «حماس»، قال الطيراوي إن «كل هذه الادعاءات غير صحيحة وأقول إن لديهم أوراقاً وأختاماً يستطيعون أن يزوّروا ما يرونه وأتحدّاهم ثلاث مرات أن يظهروا ورقة واحدة من الجانب الإسرائيلي أو الأميركي للجانب الفلسطيني، أو العكس، لها علاقة بأي معلومات أو عمل أمني يضرّ بمصالحنا الوطنية والقومية».
وفي تماهٍ مع اتهامات الطيراوي، نقلت صحيفة «معاريف» عن مصادر استخبارية ودبلوماسية غربية ادعاءها بأن «سوريا وإيران كان لهما دور في تخطيط وتنفيذ عملية استيلاء حماس على قطاع غزة، وأن قطر كانت على علم بهذا المخطط، إلا أنها اختارت تجاهله».
وذكرت الصحيفة أن «جلسة التخطيط للانقلاب المسلح عقدت في دمشق برئاسة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل وبمشاركة قادة ميدانيين من الحركة وصلوا إلى دمشق بعدما تسللوا من قطاع غزة إلى مصر». وأضافت أن «إيران قامت بتمويل الانقلاب وبتدريب أفراد حماس على تنفيذه. أما بالنسبة إلى قطر، فقد أعربت مصادر دبلوماسية عن خيبة أملها من سكوت الدوحة على الانقلاب»، مشيرة إلى أن «قطر تقدم في الآونة الأخيرة الدعم المالي والإعلامي لحماس بواسطة قناة الجزيرة».
وفي ردّ على الطيراوي، قال الناطق باسم «حماس» سامي أبو زهري إن اتهاماته «كاذبة». وأضاف «بالنسبة إلى العلاقة مع إيران، من المعروف أن حماس لها علاقات متوازنة مع جميع الأطراف العربية والإسلامية، ومن الفخر لحماس أنها تحافظ على هذا العمق العربي والإسلامي في اللحظة التى يفخر أمثال الطيراوي بعلاقتهم مع الاحتلال والأميركيين».
وتابع أبو زهري «أعتقد أننا سنردّ على الطيراوي لا بردود إعلامية، لكن بالوثائق التي تحدّانا أن نبرزها. سنبرزها ليعلم الجميع حقيقة الطيراوي والأجهزة التي يقودها».
وفي السياق، أعربت طهران، أمس، عن «الدهشة» من التصريح الأخير لوزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، الذي اتهم فيه إيران بتشجيع «حماس» للسيطرة على قطاع غزة.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «ارنا» عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني قوله إن تصريحات أبو الغيط «الأخيرة بشأن إيران أدهشتنا لأنها لم تتطابق مع حقائق المنطقة وما يجري على الساحة اللبنانية والفلسطينية والعراقية». وأضاف «لو نظرنا إلى موقف إيران من القضية الفلسطينية لرأينا أنها دعمت منذ البداية إجراء المباحثات بين المجموعات الفلسطينية أي بين حماس وفتح، وساندت ميثاق (اتفاق) مكة». واتهم أميركا وإسرائيل بالقيام بـ«الدور الرئيسي في الاشتباكات بين الفلسطينيين»، معتبراً أنه «من المؤسف أن بعض الدول العربية تتجاهل هذا الموضوع وتوجّه الاتهام إلى الدولة التي تعبر عن أفضل المواقف بشأن القضية الفلسطينية».
وفي تناقض مع اتهامات الطيراوي، قال مبعوث الرئيس الفلسطيني إلى دمشق عباس زكي إن لدى حركة «فتح» وثائق تدين «حماس»، التي اتهمها بتنفيذ «مخطط إسرائيلي».
وشدد زكي، عقب لقائه نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، على أن «ما وقع من سلخ لغزة عن الضفة حلم إسرائيلي تحقق بانقلاب عسكري نفذته حركة حماس».
وأكد زكي، الذي التقى، مساء أول من أمس في دمشق، معاون وزير الخارجية الإيراني محمد رضا باقر، «حرص طهران على رأب الصدع»، مضيفاً أنه «سيصدر من إيران موقف يتعلق بالأزمة الراهنة للحفاظ على العلاقة التاريخية التي تربط طهران بالحركة الفلسطينية». وقال إن «ما حدث قد حدث ونحن نسعى إلى علاقة جيدة مع إيران تبنى على تقويم موضوعي ودقيق، على أمل ألا تكون هناك شائبة» في علاقتنا مع هذا البلد.
وبحث نائب الرئيس السوري مع مساعد وزير الخارجية الإيراني آخر التطورات الإقليمية والدولية والعلاقات بين طهران ودمشق. وقال باقري، بعد اللقاء، إن الحديث تركز حول العلاقات الثنائية وقضايا المنطقة، وخاصة الوضع في الأراضي الفلسطينية.
والتقى باقري، أول من أمس، عدداً من قادة الفصائل الفلسطينية في دمشق، بينهم خالد مشعل.
وقالت مصادر فلسطينية وإيرانية في دمشق إن اللقاءات شددت على ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية في الأراضي الفلسطينية، مؤكدة أن ما يحدث من اقتتال داخلي «يصب في مصلحة إسرائيل». وأضافت أن الطرفين شدّدا على ضرورة «وقف نزف الدم فوراً وتعبئة كل طاقات الشعب الفلسطيني لمقاومة العدو الصهيوني».