strong>اعتماد «الغالبية الموصوفة» بدل «الإجماع» وتعزيز صلاحيات الممثل الأعلى للاتحاد
تمكّن قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل أول من أمس من «تجنّب أزمة»، بعد إنجاز الاتفاق على مشروع معاهدة أوروبية جديدة، متخطّين بذلك سياسة «العرقلة»، التي اتّبعتها كل من بولندا وبريطانيا.
وكانت الدول السبع والعشرون الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد توصّلت الى اتفاق على معاهدة أوروبية تحل مكان الدستور، بهدف «إعادة إحياء أوروبا والخروج من الشلل، وطي صفحة الأزمة المؤسساتية المستمرة منذ سنتين»، كما جاء على لسان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي ترأّست بلادها القمة.
واعترفت ميركل بأن «الاتفاق لم يكن سهلاً، وبأنّ المفاوضات المكثفة مع المسؤولين البولنديين استغرقت وقتاً طويلاً».
وينص الاتفاق، غير المضمون حتى اللحظة، على أن توجّه الرئاسة البرتغالية الجديدة للاتحاد، دعوة إلى عقد مؤتمر حكومي قبل نهاية شهر تموز المقبل، لوضع اللمسات الأخيرة على صياغة معاهدة جديدة في نهاية عام 2007.
أمّا رئيس الوزراء البرتغالي جوزي سوكراتيس، فأكّد عزمه على «تسريع هذه العملية» لتبنّي النص النهائي خلال القمة المقبلة غير الرسمية للدول الأعضاء في 18 و19 تشرين الاول المقبل في لشبونة.
واستحدثت المعاهدة الجديدة إجراءات لتسهيل اتخاذ القرارات في الاتحاد الأوروبي، كاعتماد القرارات بالغالبية الموصوفة، لا بالاجماع، وتعزيز صلاحيات الممثل الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية من دون أن يُطلق عليه لقب «وزير».
وفي اطار التعليقات على مقررات القمة، وصف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاتفاق بأنه «نبأ سار لأوروبا، وسار جداً لفرنسا»، مضيفاً «اقتربنا كثيراً من القطيعة، لكن فرنسا لم تستسلم مطلقاً، وليس هناك غالب أو مغلوب، وسنتقدم مجدداً».
ورحّب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بالاتفاق. وقال، خلال مقابلة تلفزيونية، «لقد عادت أوروبا إلى طريقها»، على الرغم من أنّ الخلافات بين فرنسا وبولندا كانت مستمرة، وهي هدّدت القمة التي استضافتها بروكسل على مدار ثلاثة ايام.
ورأى رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو «أن كل طرف قدم بعض التنازلات، وهذا يعود بالفائدة على الجميع»، فيما قال رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير «المهم أن هذا سيسمح لنا بالتقدم باتجاه أمور هي في نهاية المطاف أكثر أهمية».
وفي السياق، رأى رئيس المفوضية الأوروبية خوزيه مانويل باروسو، في مقابلة مع صحيفة «بيلت ام سونتاغ» الألمانية، أن الاتحاد الاوروبي «تجنب أزمة» باتفاقه ليل الجمعة على مشروع معاهدة اوروبية في بروكسل، مشيراً إلى أن عجز الأوروبيين حيال المعاهدة، «ألقى ظلالاً من الشك على قدرتنا على التحرك، إلا أنها تبدّدت».
إلى ذلك، رأى رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي أن الاتفاقية التي تم التوصل إليها من شأنها أن تجعل أوروبا «أقوى»، منتقداً في الوقت نفسه بريطانيا، لأنها «كبحت جماح» اتفاق أكثر طموحاً.
وأعرب برودي، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإيطالية، عن سعادته بتحقق مطالب ايطاليا، في شأن وجود ممثل واحد للسياسة الخارجية، وتوسيع قاعدة التصويت بالغالبية التي جرى دعمها بالاتحاد، من دون أن يخفي «قلة رضاه بصورة كاملة عن الاتفاق».
أما رئيس وزراء الدنمارك أندرس فوج راسموسن فقال من جهته «أنا راض جداً جداً. يمكننا الآن تركيز طاقاتنا على المشاكل اليومية التي تعني لنا شيئاً حقاً».
وكانت الصحف الأوروبية أقل تفاؤلاً حيال نتائج القمة، فانتقدت الصحف الألمانية أمس «سياسة العرقلة» التي اتّبعتها بولندا وبريطانيا في القمة، واعترفت في الوقت نفسه بأن الاتفاق على معاهدة اوروبية سمح «بتجنب كارثة».
وكتبت صحيفة «بيلد ام سونتاغ» الشعبية أن «حلم هلموت كول وفرنسوا ميتران بأوروبا موحدة، ومن دون طبقات وموحدة، دُفن ليل الجمعة في بروكسل».
وتعارض بولندا ما يطلق عليه نظام «الغالبية المضاعفة» للتصويت الذي تنص عليه المسودة السابقة لدستور الاتحاد الاوروبي، وتسعى إلى إحداث تغييرات لإقرار نظام الجذر التربيعي الذي ترى وارسو وبراغ أنه سيمنح مواطني الدول الاصغر في الاتحاد نفوذاً أكبر. وطبقاً لنظام الغالبية المضاعفة، تكون القرارات بحاجة إلى موافقة 55 في المئة على الأقل من الأعضاء (أي 15 دولة على الأقل)، بشرط أن يمثّل عدد سكان الدول الموافقة 65 في المئة على الاقل من إجمالي سكان الدول الاعضاء في الاتحاد.
(د ب أ، أ ف ب، رويترز)