تحلّق رجال حول النار تحت سماء صافية تنيرها النجوم. وفحص يوسف علي بندقيته الكلاشنيكوف المحشوة وهو يستعد لتمضية ليلة أخرى في الصحراء التي أضحت بيته خلال الأعوام الستة الماضية.ولد علي حين كانت سيناء تخضع للاحتلال الإسرائيلي عقب حرب 1967 وتطارده الشرطة المصرية بتهمة تهريب الأسلحة للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، لكنه ومجموعة منأصدقائه جاؤوا للمشاركة في مؤتمر للعشائر يعقد في الصحراء للتصدي لما يصفونه بظلم حكومي. يقول إن الفقر والبطالة دفعاه إلى التهريب، وساهمت الشرطة بمعاملتها القاسية للبدو في انغماسه أكثر في حياة الخارجين على القانون. ويتابع «لم أعرف مصر إلا عام 1982، ومنذ ذلك الحين لم أعرف إلا الخوف والأكاذيب والظلم».
إنها قصة شائعة بين نحو 200 ألف من بدو شمال سيناء الذين كانوا رحّلاً من قبل. وشمال سيناء من أفقر المناطق في مصر وتتفشى فيها البطالة وتندر الخدمات الأساسية.
وفي نيسان الماضي، قتلت الشرطة اثنين من البدو قرب نقطة تفتيش في شمال سيناء. وبعد يوم من حادث اطلاق النار، نزل البدو إلى الشوارع وأحرقوا إطارات السيارات واعتصموا على الحدود مع اسرائيل مطالبين الحكومة بمعالجة شكواهم.
وفي وقت لاحق، أصدر قادة الاحتجاج قائمة بالمطالب تتضمن محاكمة الضباط المسؤولين عن اطلاق النار على البدو، وإعادة محاكمة مئات من الرجال الذين ادينوا «بقضايا مخدرات وتهريب سلاح ملفقة».
وقال محمد المنيعي، زعيم إحدى العشائر المشاركة في المؤتمر، الذي عقد الاسبوع الماضي في منطقة العجرة الحدودية، «إذا لم تنفذ مطالبنا بحلول الأول من تموز فسنبدأ اعتصاماً مفتوحاً. لن نتزحزح عن موقفنا».
وقال كثيرون ممن حضروا اجتماع العجرة، إن افراداً من أسرهم اعتقلوا من دون تهم في حملات أمنية أعقبت تفجيرات عامي 2004 إلى 2006.
ويقول موسى الهارب (38 عاماً) «اذا اعتقلوني فستكون نهاية حياتي. احتجزوا ابنتي البالغة من العمر 13 عاماً لمدة 25 يوماً لكي أسلّم نفسي لكني لم أفعل». ورفع وشاحاً أزرق في شاحنته القديمة ليكشف عن بندقية كلاشنيكوف محشوة. وقال «هذا فقط ما يحميني».
(رويترز)