القاهرة ـ الأخبار
مرّة جديدة، توجّهت الأنظار، أمس، إلى مدينة شرم الشيخ المصرية، التي دخلت التاريخ مجدداً باعتبارها مقراً لانعقاد كبريات القمم العربية ـــــ العربية، والعربية ـــــ الإسرائيلية.
يغدو المنتجع الساحلي على البحر الحمر قلعة أمنية حصينة، كلّما أُعلن موعد عقد مؤتمر سياسي كبير. لكنّ الاستعدادات التي واكبت أول قمة عربية ـــــ إسرائيلية يشارك فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت مع ثلاثة من القادة العرب «دفعة واحدة»، على غرار القمة التي عقدها سلفه أرييل شارون فى شهر شباط عام 2005، حوّلت «مدينة السلام» إلى «ثكنة عسكرية» حقيقية، على الرغم من البعد الكبير الذي يفصل بين مكان انعقاد القمة، والمناطق السكنية على البحر الأحمر.
ويوفّر عقد القمة في شرم الشيخ بعيداً عن القاهرة، فرصة مناسبة لتفادي مظاهر الاحتجاج والغضب حيال السياسة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومجمل عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وقد أضحت شرم الشيخ، المقر المفضل للرئيس المصري حسني مبارك بعيداً عن ازدحام القاهرة، حيث يوفّر الهدوء والمناظر الطبيعية الخلّابة للمنتجع الذي يطل مباشرة على مياه البحر الأحمر، فرصة للتركيز وعقد المحادثات السياسية المكثفة مع الزوار، من دون إزعاج.
واعتاد السياح منذ سنوات، رؤية سيارات الأمن المصفّحة، وهي تنتشر في شوارع المنتجع، بينما يدأب عشرات من رجال الأمن والمخابرات المصرية في مجهود غير عادي في تأمين المقر.
وعقدت قمة يوم أمس في الفندق الفخم الذي سبق واستضاف اجتماع شهر آذار عام 2003، علماً بأن ردهاته وأروقته ما زالت تحمل ذكريات المفاوضات الماراثونية التي جرت بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود باراك، برعاية مصرية قبل وقت قليل من مغادرة الرئيس الأميركي بيل كلينتون البيت الأبيض.
وأفسد الصخب الإعلامي المصاحب للقمة، الهدوء المعهود في المنتجع، حيث أمّن عشرات من مراسلي مختلف وسائل الإعلام العالمية، التغطية المباشرة من خلال المركز الإعلامي الذي أقامته وزارة الإعلام المصرية.
وكانت رحلة منتجع شرم الشيخ مع المؤتمرات الدولية والإقليمية الكبيرة، قد بدأت باستضافة قمّة صانعي السلام في 13 آذار عام 1996، للدعوة إلى الابتعاد عن التطرف والعنف.
كما استضاف المنتجع الاجتماع الخاص الذي عقدته دول الجوار العراقي يومي 22 و23 من شهر تشرين الثاني 2005 بمشاركة 20 وزيراً للخارجية، وممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
واحتضن المنتجع في الثالث من شهر حزيران عام 2003، بعد سقوط نظام حكم الرئيس العراقي صدام حسين في التاسع من نيسان من العام نفسه، قمّة أميركية ـــــ عربية غير مسبوقة، شارك فيها الرئيس جورج بوش ونظيره المصري حسني مبارك، وولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز، بالإضافة إلى الملكين الأردني عبد الله الثاني والبحريني حمد بن عيسى آل خليفة.
وبسبب تحفُّظ غالبية القادة العرب على محاولات بوش ضم رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون إلى هذا الاجتماع، حُرم الأخير من حضورها، وفي اليوم التالي «عُوِّض عليه»، فاستضافت مدينة العقبة الأردنية قمة رباعية، حضرها بوش وعبد الله، بالإضافة إلى شارون ورئيس الوزراء الفلسطيني آنذاك، محمود عباس.