هآرتس ــ تسفي برئيل
قال رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أمس في خطابه في شرم الشيخ، إن الضفة الغربية وقطاع غزة هما جزءان لا يتجزّآن من دولة فلسطينية واحدة. إلّا أن عباس لم يجِب عن سؤال جوهري واحد: هل لا يزال هو عملياً رئيس القطاع، وهل حكومته الجديدة هي أيضا حكومة غزة؟
المسألة التي تعني الفلسطينيين، والتي أثيرت أمس، هي كيف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يقترح تحرير 250 سجيناً فلسطينياً من «فتح»، بينما الرئيس الفلسطيني لا يذكر سجناء «حماس» على الإطلاق. قبل بضع ساعات من ذلك، سُمع صوت جلعاد شليط في الشريط مما ذكّر إيهود أولمرت أيضاً بأن بادرة تحرير سجناء لعباس هي موضوع واحد ـــــ لكن المساومة الحقيقية على تبادل السجناء يتعيّن عليه أن يجريها مع «حماس» ومبعوثيها. وقد سبق أن عرض أولمرت عليهم مقابلاً أكبر من ذاك الذي منحه لعباس.
وعليه، فإن «الانقلاب العسكري»، على حد تعبير عباس والرئيس المصري حسني مبارك، الذي نفّذته «حماس» ضد شرعية السلطة الفلسطينية وضد «اتفاق مكة»، هو مجرد بيان لفظي، إذ إنه من الواضح لمبارك ولعبد الله، ملك الأردن، أنه ينبغي تحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية، وذلك لأن حكومتين فلسطينيتين متوازيتين هما وصفة مضمونة لصراع عنيف، أو على الأقل، للشلل. فلا تستطيع حكومتان أن تحثّا مسيرة سياسية واحدة، كما أنه ليس بإمكانهما الموافقة على شؤون رئيسية، مثل المناهج التعليمية أو توقيع اتفاقات اقتصادية. صحيح أن رئيس الوزراء سلام فياض يمكنه رسمياً أن يوقّع اتفاقاً لتطوير المجاري في غزة، أما عملياً فهو بحاجة الى موافقة «حماس»، كي ينفّذه.
علقت المناطق في وضع مميز: ففي الضفة رُفعت المقاطعة الاقتصادية عن السلطة، أما في القطاع فالسلطة نفسها هي التي تفرضها. عملياً، تقريباً بالكلمات نفسها، منح كل من اولمرت وعباس أمس غزة مكانة «مطعم الفقراء».
مبارك وعبد الله، اللذان استمعا الى اقوال اولمرت عن «الأفق السياسي»، قلقان من الأفق المتوقّع لغزة، وهو مواجهة عسكرية مع إسرائيل. مثل هذه المواجهة، التي تكفي عشرات صواريخ «القسام» كي تحدثها ـــــ من شأنها أن تغيّر بضربة واحدة مكانة «حماس» كحركة تُفرض عليها المقاطعة. وعليه، ينبغي عدم التعجّب من أنه بالتوازي مع الخطوة التظاهرية التي سحبت فيها مصر سفارتها من غزة الى رام الله، قام رئيس المخابرات المصري عمر سليمان بنقل رسالة الى رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل. وطلب سليمان من مشعل، في الرسالة، ليس فقط استئناف الحوار مع عباس، بل أيضاً الشروع في إعادة الوضع في غزة الى سابق عهده. مشعل قال علناً أيضاً إنه مستعدّ لمثل هذا الحوار، لكنّ عباس لا يزال حازماً في رأيه في عدم إجراء الحوار مع «حماس».
الآن، المسألة هي أن القمة في شرم الشيخ، وإن كانت تمثّل ذروة حملة التأييد العربي لعباس وحكومته، إلا أنها في الوقت نفسه عناق خانق، سيكون عليه دفع ثمنه في المستقبل القريب. في الداخل الفلسطيني، الحساب مع عباس سيتمحور حول المقابل المتواضع جداً الذي تلقّاه من أولمرت في موضوع السجناء ـــــ لجهة تمييزه بين فلسطيني وآخر ـــــ وكذلك حول استعداده للجلوس مع العدو، بينما يرفض إجراء أي حوار مع خصومه السياسيين على الساحة الفلسطينية.