strong> أن تستورد إيران، الدولة النفطية الكبرى، نحو 40 في المئة من احتياجاتها من البنزين، فتلك مفارقة. لكن أن يؤدي النقص الحاصل في هذه المادة الأساسية إلى اضطرابات داخلية، فإن القضية ستتعدّى الجانب الاقتصادي الى مرحلة التكامل مع الخطر الخارجي، في ذروة الأزمة بين النظام الإسلامي والغرب بسبب البرنامج النووي، وإن كان الحديث عن مؤامرة في هذا المضمار فضفاضاً
بعد ليل شاحب بدخان محطات البنزين، التي أحرقها غاضبون إيرانيون في العاصمة طهران وبعض المدن الأخرى، احتجاجاً على بدء خطة حكومية لتقنين توزيع البنزين، أكدت السلطات الإيرانية أمس أنها ستواصل استيراد الكميات الضخمة من البنزين في الوقت الحالي، رغم بدء تنفيذ خطة التقنين، لأنها لم تنفق بعد كل الأموال التي خصصتها لتلك المشتريات.
وقال مدير الشؤون الدولية في شركة النفط الوطنية الإيرانية المملوكة للحكومة، حجة الله غانمي فرد، «سنواصل خطتنا السابقة لاستيراد أكثر من 30 مليون ليتر يومياً لأن جزءاً من الميزانية المخصصة للسنة المالية الحالية لم يستهلك بعد».
وقال غانمي فرد إن ميزانية السنة الإيرانية الحالية التي تنتهي في آذار 2008 تتضمن مخصصات قدرها 2.5 مليار دولار لواردات البنزين وإنه استناداً الى سعر البنزين المستورد اليوم، فإن طهران لديها أموال كافية لشراء إمدادات لمدة شهر ونصف شهر تقريباً. وأضاف إن «واردات البنزين سيجري تعديلها بعد سريان تقنين التوزيع لشهر أو نحو ذلك.. نتوقع أن يكون ترشيد استخدام الوقود إحدى نتائج نظام تقنين التوزيع».
وتابع أن طهران قد تراجع خلال شهرين كمية الوقود المخصصة لسائقي السيارات.
وستحصل السيارات الخاصة على مئة ليتر من البنزين شهرياً، لكن الكمية ستنخفض في حالة السيارات التي تعمل بالنظام المزدوج للبنزين والغاز الطبيعي.
وكان سائقو السيارات الغاضبون قد اصطفوا أمام محطات البنزين لساعات امس، بعد أن بدأت رابع أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم بتنفيذ خطة لتقنين توزيع الوقود، أثارت حالة من الفوضى.
وأُحرقت في طهران وحدها ليل أول من أمس 12 محطة للوقود، بحسب عناصر الإطفاء في العاصمة، فيما ذكرت إذاعة طهران أن «مشاغبين ألحقوا أضراراً بمحطات بنزين عديدة».
وعلى الرغم من احتياطياتها النفطية الضخمة، تفتقر إيران إلى الطاقة التكريرية ويتعين عليها استيراد نحو 40 في المئة من احتياجاتها من البنزين وهي مسألة حساسة في الوقت الذي تهدد فيه قوى عالمية بفرض عقوبات جديدة في إطار خلاف مع طهران بسبب برنامجها النووي.
وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية إن بعض المشرّعين يعدّون على عجل مشروع قانون لوقف خطة التقنين.
ويلحظ الاقتراح الذي أعدّه النواب التخلي عن التقنين وإبقاء سعر ليتر البنزين على 800 ريال (0.08 دولار) بدلاً من الف ريال (0.10 دولار).
من جهة ثانية، شدّد رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، غلام علي حداد عادل، على أن «احتمال أن تشن أميركا هجوماً على إيران ضعيف جداً». وقال، في مؤتمر صحافي، إن «صانعي القرار الذين أوجدوا اليوم مشاكل للمنطقة قد يتّخذون قرارات طائشة كهذه لكنّ هذا الأمر مستبعد جداً».
في سياق آخر، حثت الصحافية الأميركية الإيرانية الأصل، برناز عظيمة، المحتجزة في إيران، الإدارة الأميركية على وقف الحملة الخطابية من أجل الديموقراطية في الجمهورية الإسلامية، لأنها «أغضبت الحكومة الإيرانية، وأصبح لديها هدف واحد، هو قمع هذه النشاطات والضغط على الناشطين الإيرانيين، ولا سيما من هم داخل ايران».
وقالت الصحافية، التي تعمل لإذاعة «فاردا» المدعومة من الولايات المتحدة، في حديث أجرته معها إذاعة «ووتوب» عبر الهاتف، إن «إدارة (الرئيس الأميركي جورج) بوش، التي خصصت 66 مليون دولار من أجل العمل على التغيير داخل ايران من خلال برامج إخبارية وموسيقية باللغة الفارسية، قد حفّزت حكومة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد على تقليص حركة الديموقراطية الإيرانية»، معربة عن أملها من الإدارة الأميركية «عدم تكرار هذه الغلطة الجدية».
الى ذلك، أشارت منظمة العفو الدولية إلى أن 71 طفلاً في إيران متهمين بارتكاب جنح مختلفة ينتظرون حالياً صدور أحكام بالإعدام بحقهم وأن السلطات الإيرانية أعدمت من القاصرين أكثر من أي دولة أخرى في العالم منذ 1990.
(رويترز، يو بي آي، مهر، اب، ا ف ب)