strong>بول الأشقر
علّق الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي على وفاة الجنود الكولومبيين في عملية الخيام، الأسبوع الماضي، بالقول «عندما يقتل جنودنا العاملون ضمن الكتيبة الإسبانية في قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان، تتحوّل هذه المأساة إلى قربانة يقدمها شعب كولومبيا البطل إلى السلام في العالم وإلى النضال ضد الإرهاب».
من الجنود الكولومبيين الثلاثة الذين قتلوا في العملية الإرهابية التي استهدفت نهار الأحد الكتيبة الإسبانية ضمن القوات الدولية المنتشرة في جنوب لبنان، ستنقل فقط جثة واحد منهم إلى مسقط رأسه، فيما سيتم دفن الاثنين الآخرين في إسبانيا، مقرّ إقامة عائلتهما المهاجرة.
ستة أشهر بعد انتسابه إلى الجيش الإسباني، سجل جيفيرسون فارغاس اسمه على لائحة المتطوعين للذهاب إلى لبنان، لكن طلبه رفض. وعشية ذهاب الكتيبة في أيلول 2006، مرض أحد الجنود وقررت القيادة ضمّ الشاب الكولومبي إلى المجموعة المتوجهة إلى جنوب لبنان. وجيفيرسون (22 عاماً) كان بائعاً متجوّلاً يتنقل على دراجته ليبيع حلويات وصفائح والدته في محاولة لإعالة العائلة بعد وفاة الوالد. لكن صحة الوالدة تدهورت، ما اضطر جيفيرسون للسفر إلى إسبانيا حيث كان له أقارب، وهناك عمل في قطاع البناء قبل أن يقرر الانتساب إلى الجيش قبل 15 شهراً.
وهكذا، صار جيفيرسون يعيل والدته ويموّل دراسة شقيقته، وكان يتصل بهما أسبوعيّاً حتى من لبنان. وكان الجميع، بمن فيهم خطيبته، ينتظرونه بعد أيام، إذ كانت مهمته، إسوة بمهمة باقي زملائه، تنتهي في آخر حزيران.
أما ويلسون أليخاندرو (20 عاماً)، فهو ابن عائلة من ستة أولاد هاجرت إلى إسبانيا قبل ست سنوات. ودخل ويلسون الجيش بعد إحرازه شهادة الثانوية لأنه كان يرى في الجيش فرصة لمتابعة دروسه. كان سعيداً جدّاً لتجربته العسكرية، ورأى في إرساله إلى لبنان نوعاً من المكافأة لحسن إدائه. أدخلت والدته إلى المستشفى في مدريد بعد تلقيها نبأ الوفاة، فيما قال أقرب أصدقائه في كولومبيا، حسب صحيفة «آلكولومبيانو»، إنه «حلم الأسبوع الماضي بأن ويلسون أنهى عمله في لبنان، وبدلاً من العودة إلى إسبانيا، قرر المجيء إلى كولومبيا».
والمعلومات نادرة في الصحافة الكولومبية عن الثالث إيفون أديسون (20 عاماً)، وهو مقيم مع عائلته في جزر كنارياس الإسبانية، وكان أقدمهم في صفوف الجيش.
وتجيز إسبانيا انخراط الأميركيين اللاتينيين في جيشها لغاية نسبة 9 في المئة «بسبب العلاقات التاريخية والثقافية التي تربط هذه الدول بإسبانيا». وهم يمثلون الآن 5 في المئة، أي نحو 4700 أميركي لاتيني، غالبيتهم من الإكوادور وكولومبيا وبوليفيا.
ويتلقى هؤلاء الجنود أجراً قدره 13500 يورو سنوياً، إضافة إلى مصاريف الإقامة والضمانات الاجتماعية والطبية. ويشكّل السلك العسكري وسيلة محببة لبعض المهاجرين الذين يتقدمون إلى هذه المهنة، التي تفترض أن تكون إقامتهم قانونية وأن ينجحوا في امتحانات الدخول، لأنهم يرون فيها وسيلة شبه مؤكدة لنيل الجنسية الإسبانية، إلا أن السلطات الرسمية تنفي أي علاقة بين الوضعيتين.
ويرجح أن ينال الكولومبيون الآن التعويض المالي نفسه الذي سيناله الضحايا الإسبان. والسوابق التاريخية في ما يخصّ ضحايا الإرهاب اللاتينيين في إسبانيا ترجّح أن ينال أقرباؤهم أيضاً الجنسية الإسبانية، كما سبق أن حصل مع ضحايا تفجيرات 14 آذار 2004 المنسوبة إلى «القاعدة» أو مع ضحايا التفجير المنسوب إلى منظمة الـ«إيتا» الانفصالية الذي وقع في مطار مدريد عام 2006.