رام الله ــ سامي سعيد
«فليتفضل أبو مازن ويسحب الاحتلال من شوارعنا ومدننا قبل أن يطالبنا بالخضوع والركوع أمام المحتل»


رأى قادة عسكريون لفصائل فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة أمس أن المرسوم الرئاسي الصادر أول من أمس والداعي إلى حل الأجنحة العسكرية للمقاومة وسحب سلاحها بمثابة تنفيذ للأوامر الأميركية والإسرائيلية، واصفين القرار بأنه أولى النتائج غير المعلنة لقمة شرم الشيخ بين الرئيس محمود عباس والرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني عبد الله الثاني ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت.
وأكّد قادة المقاومة، في تصريحات منفصلة لـ«الأخبار»، أنهم لن يسلّموا أسلحتهم لأحد مهما كان وصفه ومهما علا شأنه، مشيرين إلى أن تسليم أسلحتهم مرتبط بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 67 كحل مرحلي.
وقال القادة إن الرئيس عباس «لا يمتلك قرار حل هذه الأجنحة المسلحة التي حمت الوطن وساهمت في تحرير قطاع غزة من دنس الاحتلال»، مشدّدين على أنهم لن يتنازلوا عن حقهم المشروع في مقاومة الاحتلال الذي يستبيح الضفة الغربية يومياً ويرتكب جرائم بشعة في غزة.
وأعلن قائد «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لـ«حركة الجهاد الإسلامي» في الضفة الغربية، أبو مجاهد، رفض القرار الرئاسي، الذي وصفه بالمتواطئ مع إسرائيل وأميركا. وقال، لـ«الأخبار»، «هذا قرار جائر لا يمكننا أن نتعامل معه ولن نتعامل معه أبداً». وأضاف «لا يمكن الحديث عن نزع سلاح المقاومة ما دام الاحتلال موجوداً على أرضنا ويستبيح ديارنا. فليتفضل أبو مازن ويسحب الاحتلال من شوارعنا ومن مدننا وقرانا قبل أن يطالبنا بالخضوع والركوع أمام المحتل وتسليم سلاحنا».
وانتقد أبو مجاهد مرسوم عباس. وقال «لا أحد يملك شرعية لإعطاء هذا القرار ولن تستطيع أي قوة على وجه الأرض أن تنزع سلاحنا أو أن تحرف بوصلتنا التي لا يمكن أن تحيد عن الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه». وشدّد على أن «سلاح السرايا موجّه إلى الاحتلال الإسرائيلي فقط وأنه لم يوجه ولن يوجّه إلى صدور الفلسطينيين»، مستنكراً وصف «سلاح المقاومة الطاهر بسلاح الميليشيات».
ويوافقه الرأي القيادي في «كتائب القسام»، الذراع العسكرية لـ«حماس»، أبو القاسم، الذي شدّد على أن «سلاح المقاومة طاهر ويجب التفريق بينه وبين سلاح العربدة والفلتان وسلاح الأفراح»، مشيراً إلى أن «كتائب القسام في الضفة لن تستخدم هذا السلاح إلا لمواجهة الاحتلال وعدوانه المتواصل».
وشدد أبو القاسم على أن «جميع الفلسطينيين مع سحب سلاح العربدة والفلتان من الشوارع، لكن سلاح المقاومة يجب ألّا يوصف بهذه الأوصاف». وأضاف «بدلاً من أن يُكَرَّم المقاومون على أفعالهم وتضحياتهم تأتيهم الطعنات من خلف ظهورهم ومن أبناء جلدتهم».
وأشار أبو القاسم إلى أن «كتائب القسام ليست مستعدة لضم أبنائها العسكريين إلى صفوف الأجهزة الأمنية، وخصوصاً أن الفلسطينيين يعيشون مرحلة تحرر، وهذا يقتضى ضرورة وجود مقاومة فاعلة، ولا سيما بعد التهرب الواضح من أصحاب السلاح الرسمي في الدفاع عن شعبهم ووطنهم»، في إشارة إلى الأجهزة الأمنية.
وقال أبو القاسم «إن «كتائب القسام قد تدرس التخلي عن سلاحها في حال الانسحاب الاسرائيلي إلى حدود عام 67 كحل مرحلي للصراع، أما في غير هذه الحالة فإن من يقترب من سلاحنا فلن نرحمه ولن نتسامح معه».
وكان القيادي في «لجان المقاومة الشعبية»، أبو سمية، أكثر حدة من سابقيه، متهماً عباس بالتعاون مع إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، مؤكداً في الوقت نفسه «أن سلاح المقاومة سيبقى خطاً أحمر، ولن تسمح فصائل المقاومة بتجاوزه في أي مرحلة، وخصوصاً بعدما أثبت نجاعته وقوته بعد فشل خيار التسوية في جلب أي منفعة لشعبنا الفلسطيني».
واتهم أبو سمية، عباس ببيع شعبه للإسرائيليين والأميركيين وأنه «لا يستحق أن يكون رئيساً لشعب يكافح من أجل نيل حقوقه المشروعة»، مشدّداً على أن «الأولوية للشعب الفلسطيني هي التحرر من دنس الاحتلال بعدما فشلت حلول أبو مازن التفاوضية ولم يعطه الإسرائيليون شيئاً يقدمه إلى شعبه».
أمّا «كتائب شهداء الأقصى»، التابعة لحركة «فتح»، فانقسم قادتها بين مؤيد ومعارض للقرار؛ ففيما لم يعارض زكريا الزبيدي فكرة حل الكتائب ودمجها في الأجهزة الأمنية، رفض قادة آخرون هذا القرار باعتباره «غير مبرر في هذه المرحلة وهذا الوقت بالذات».
وقال الزبيدي «إنه إذا كان هناك تطمينات من الرئيس أبو مازن بإمكان حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً، فإننا لن نعارض فكرة دمجنا في الأجهزة الأمنية وسحب سلاحنا».
وشدّد الزبيدي على أن «الكتائب لن تكون عقبة أمام أي قرار يصدره الرئيس عباس ويتعلّق بحل الكتائب بشرط أن يكون القرار يحمل إشارات وتطمينات لدينا بحل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً». لكنه حذّر من أن يكون هذا القرار يهدف إلى إسقاط ورقة المقاومة وسحب سلاحها في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل بارتكاب جرائمها واستهداف قادة المقاومة في الضفة وقطاع غزة.
في المقابل، قال القيادي في «كتائب الأقصى»، أبو محمد، «إن سلاحنا لم يكن يوماً يوجه إلى صدور أبناء شعبنا حتى ننزعه، بل هو سلاح شريف وطاهر سطّر أروع الانتصارات والملاحم على حدود الوطن. فنزع السلاح الشريف هو نزع لكرامة المجاهدين والشهداء الذين دافعوا عن شرف الأمة العربية والإسلامية».
وأضاف أبو محمد إن «أي حديث عن سحب سلاحنا وتجريدنا منه هو هدية مجانية لإسرائيل ولكل قوى الشر في العالم، التي لا ترغب في أن تعطي الفلسطينيين حقوقهم»، مشدّداً على أن «المقاومة الشريفة لا تتخلى عن سلاحها إلا إذا عادت أرضها إليها، ونعم أهلها بخيرها».
وأجمع قادة المقاومة الرافضين لنزع سلاحهم على أنهم «لن يستخدموا القوة إذا تم تطبيق القرار بقوة السلاح»، لكنهم قالوا إن هذا «الأمر ستترتب عليه مخاطر كبيرة على القضية الفلسطينية ولن يمر مرور الكرام».

كتائب القسّام ليست مستعدة لضم أبنائها العسكريين إلى صفوف الأجهزة الأمنية، وخصوصاً أن الفلسطينيين يعيشون مرحلة تحرر، وهذا يقتضى وجود مقاومة فاعلة، ولا سيما بعد التهرّب الواضح من أصحاب السلاح الرسمي في الدفاع عن شعبهم ووطنهم