هآرتس ــ ألوف بن
يمكن المتظاهرين والكتاب الذين أحيوا ذكرى مرور 40 عاماً على الاحتلال الإسرائيلي للمناطق أن يحافظوا على اللافتات والتعابير المبتذلة، من أجل استخدامها مرة أخرى، إذ إنهم سيحتاجون إليها في السنوات المقبلة؛ فقد أخذ يتبلور في إسرائيل إجماع على أن الانسحاب من الضفة الغربية لم يعد ممكناً. قد يكون ممكناً إبعاد الفلسطينيين عن العيون عبر جدار الفصل، لكن ليس التخلص من السيطرة عليهم.
الجميع شركاء في هذا الاقتناع، من كل المعسكرات ومن كل القوى السياسية. المبررات فقط هي التي تختلف. يرى اليمين الإيديولوجي في المستوطنات فريضة دينية، بينما يتحدث بنيامين نتنياهو عن المستوطنات كجدار يدافع عن جبال يهودا والسامرة. أما إيهود أولمرت، الذي تعهد االانسحاب من غالبية المستوطنات، فقد تنصل من هذه الفكرة في أعقاب حرب لبنان الثانية واستمرار قصف صواريخ «القسام» من قطاع غزة. حتى في حزب «ميرتس» لا يتحدثون عن تسوية دائمة، بل فقط عن اتفاق نظري، يعطي لإسرائيل المشروعية الدولية، انطلاقاً من قناعة بأن محمود عباس لن ينفذ هذا الاتفاق.
العنصر المشترك في هذه المواقف بين اليمين واليسار هو أنها تبقي الوضع القائم على ما هو عليه مع عشرات المستوطنات ومئات الحواجز وآلاف الجنود خلف الجدار.
ذات مرة، كانوا يقولون في إسرائيل إنه لا يوجد من يمكن التحاور معه في الجانب الثاني. أما الآن فيقولون لا يوجد من نعيد إليه المناطق. لم يعبِّر أحد عن هذه الفكرة أفضل مما فعل رئيس الدولة المنتخب والحائز جائزة نوبل للسلام، شمعون بيريز، الذي كتب في نهاية الأسبوع الماضي في «يديعوت أحرونوت»: «من غير الواضح متى نخرج كلياً من المناطق. وحتى لو كنا مستعدين للخروج، فإنه ليس لدينا في هذه المرحلة من نسلمه إياها، وذلك بسبب العجز الفلسطيني عن إقامة جيش موحد ودولة موحدة تفرض سلطتها على المناطق».
من الصعب التصديق أن بيريز كان قبل سنة فقط عضواً في الحكومة التي تعهدت خطة الانطواء وإخلاء المستوطنين من الضفة، وأنه كان يقف على رأس الجدال السياسي. أما في النقاش الجماهيري الحالي، فإن أي حديث عن انسحاب من المناطق يُعَدُّ هذياناً خطيراً.
الأسباب مفهومة. لقد اعتادت إسرائيل على التعايش، ولو رغماً عنها، مع الصليات اليومية لصواريخ «القسام» على سديروت. كما أنها نجحت في اجتياز خمسة أسابيع من الصواريخ على الشمال. لكنها لا تريد أن تسقط صواريخ «القسام» على تل أبيب والقدس ومطار بن غوريون. إن غالبية الإسرائيليين تعتقد، بناء على تجربة لبنان وغزة، أن أي أرض تُخلى ستتحول إلى قاعدة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل. ولا عجب أن الجيش والشاباك يعارضان حتى رفع حاجز واحد في الضفة خوفاً من العمليات، والمستوى السياسي استجاب لهما.
في هذه الأجواء، من الواضح أن كل الأحاديث عن حل لدولتين، وتصريحات رئيس الحكومة في قمة شرم الشيخ عن فرص جديدة وتسريع الخطى لدولة فلسطينية، هي كلام فارغ. إنه نفاق دبلوماسي، منقطع عن الواقع وعن الآمال الحقيقية، الغرض منه إرضاء الأميركيين والأوروبيين وصد الضغوط عن إسرائيل.