موسكو - حبيب فوعاني
الدوما يتجنّب استقبال «مقاوم العنجهية الأميركية» خشية تعكير أجواء قمة بوش وبوتين


تأتي الزيارة الخامسة التي يقوم بها الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الى روسيا لتؤكّد أهمية العلاقة بين موسكو وكاراكاس، التي يمكن وصفها بالشراكة الاستراتيجية، حيث لم يزر روسيا رئيس آخر من أميركا اللاتينية بهذه الوتيرة.
أكد الرئيس الفنزويلي ذلك لدى وصوله إلى موسكو أمس، قائلاً إن أملاً كبيراً يحدوه في التعاون المتعدّد الجوانب مع روسيا، التي «تؤدي دوراً أساسياً في القرن الواحد والعشرين».
وقال تشافيز، لدى افتتاحه مركز «سيمون بوليفار» الثقافي اللاتيني في العاصمة الروسية، «إما أن نقضي على الإمبريالية الأميركية أو تقضي هي نهائياً على العالم».
ونفى رئيس فنزويلا، في كلمته، أن يكون الهدف الوحيد من زيارته إلى روسيا هو شراء الأسلحة. كما هنّأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على موقف بلاده الرافض «لإملاءات الولايات المتحدة على العالم». وقال إن الولايات المتحدة «لا ترغب في مشاركة روسيا لكن روسيا عادت الى ما كانت عليه كمركز قوة ونحن شعوب العالم نحتاج إلى أن تصبح روسيا يومياً أكثر قوة».
وأكد تشافيز «نحن مستعدون للموت دفاعاً عن سيادتنا المقدسة وبلادنا» اذا تعرضت لهجوم أميركي، شاكراً روسيا لبيعها بلاده تجهيزات عسكرية وتدريب طياريها، ومؤكداً «هذا ما ندعوه تضامناً».
يمكن القول، ومهما بدا الأمر غريباً، إن واشنطن هي التي دفعت كاراكاس إلى تعزيز تعاونها العسكري مع موسكو، حين امتنع الأميركيون عن توريد قطع غيار لمقاتلات «إف-16» الفنزويلية ورفضوا أن تبيع إسبانيا لفنزويلا دفعة من الفرقاطات الإسبانية الصنع بذريعة استخدام التكنولوجيا الأميركية فيها. وذلك ما أثار رد فعل الرئيس الفنزويلي العنيف.
وخلافاً للولايات المتحدة، تزوّد روسيا فنزويلا بالسلاح من دون ربط ذلك بأي شروط سياسية ومع احترام سيادة هذا البلد.
وحاولت واشنطن ممارسة الضغوط على روسيا بهذا الصدد، حين أدلى وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد، عندما كان في منصبه، بتصريح، عبّر فيه عن عدم فهمه للأسباب التي دعت فنزويلا إلى شراء مئة ألف رشاش «كلاشنيكوف»، فيما أعربت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إبان زيارتها إلى موسكو عن قلقها من هذا العقد.
لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ردّ على ذلك بالقول إن التعاون العسكري لروسيا مع فنزويلا لا يتعارض مع التشريعات الدولية، فيما قال نائب رئيس الوزراء سيرغي إيفانوف «لا يمكن على الإطلاق إعادة النظر في العقد، لأن 24 طائرة ليست زائدة على الحاجة للدفاع عن أراضي بلاد شاسعة كفنزويلا.. فيما لا تخضع فنزويلا لأي عقوبات دولية، وليس هناك أي قيود تعوق تنفيذ العقد».
وأصبحت فنزويلا تحتل المرتبة الثانية بعد الجزائر في شراء الأسلحة الروسية. وفي العام الماضي، وقعت عقود تسليح مع روسيا بلغت قيمتها 3 مليارات و400 مليون دولار.
وفي هذه المرة، يحمل تشافيز معه أنباءً طيبة لمؤسسة تصدير الأسلحة الروسية الفدرالية الموحدة «روس أوبورون إكسبورت»، إذ قال أخيراً إن «بلدنا بحاجة إلى امتلاك وسائل دفاع متكاملة للدفاع عن دولتنا براً وجواً وبحراً وتحت الماء».
ومن المتوقع أن توقّع كاراكاس مع موسكو عقداً لشراء غواصات من طراز «636»، وأربع غواصات «أمور»، التي لم يتسلّمها الجيش الروسي بعد، وذلك لكسر الحصار البحري المحتمل عليها من جانب الولايات المتحدة. لكن العسكريين الفنزويليين لن يكتفوا بشراء الغواصات، حيث يهتمون بمنظومة الدفاع الجوي الصاروخية «تور-إم» وبطائرات النقل الروسية «ياك-76» والتدريبية «ياك-130».
ويبدو أن الرئيسين الفنزويلي والروسي سيتطرقان في مباحثاتهما إلى التعاون في مجال الطاقة، إذ يهمّ موسكو في الحوار مع كاراكاس موضوع إنشاء تجمّع احتكاري لمنتجي الغاز، تلك الفكرة التي طرحتها موسكو وجذبت تشافيز لإنشاء منظمة على غرار «أوبك».
وسيتحدث الرئيسان أيضاً عن المشاريع الكبرى، التي ينفّذها رجال الأعمال الروس في فنزويلا، إذ صرّح تشافيز قبيل توجّهه الى موسكو بأنه يعوّل كثيراً على مشاركة الشركات الروسية في تصميم وبناء أنبوب الغاز، الذي سيربط بين فنزويلا والبرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي وبوليفيا في شبكة طاقة موحدة.
ويختتم تشافيز زيارته إلى روسيا في 30 حزيران الجاري بزيارة مدينة «روستوف ــــ ناـــــ دونو». ومن المتوقّع أن يزور هناك مصنع طائرات الهليكوبتر «روس فيرتول»، الذي ورّد إلى فنزويلا في العامين الماضيين مروحيات عسكرية من طراز «مي ـــــ 35 إم» ومروحيات النقل الثقيلة «مي ـــــ 26 تي». ومن المنتظر أن تتناول المباحثات مع مسؤولي المصنع مسألة زيادة وتسريع توريدات المروحيات الروسية إلى فنزويلا.
شيء واحد نغّص هذه الزيارة، عندما صوّت مجلس الدوما ضد إلقاء تشافيز خطاباً في قاعة الدوما الرئيسية أمام أعضائها، وبدلاً من ذلك، خصصت لخطاب تشافيز قاعة صغرى في الدوما تتسع لأربعين شخصاً، ما دفع النائب في الحزب الليبرالي الديموقراطي، ألكسي ميتروفانوف، إلى اقتراح «استدعاء قوات الكوماندوس الروسية للمحافظة على النظام أمام هذه القاعة والحؤول دون محاولات جحافل الراغبين في الدخول إليها للاستماع للضيف الفنزويلي».
وكان نائب الحزب المذكور، فلاديمير أوفسيانيكوف، قد صرح في 15 حزيران الجاري بأن «البرلمان كله يريد الترحيب وقوفاً بقائد البلد، الذي يقاوم عنجهية الولايات المتحدة! فهل نخشى نحن السيد بوش المخيف والمرعب؟».
وقال زعيم الشيوعيين الروس، غينادي زيوغانوف، إنه لم يسمح لتشافيز بإلقاء كلمة في قاعة الجلسات العامة لمجلس الدوما لأن موسكو «لا تريد تعكير الأجواء» عشية اللقاء بين بوتين والرئيس الأميركي جورج بوش.

أصبحت فنزويلا تحتل المرتبة الثانية بعد الجزائر في شراء الأسلحة الروسية، وفي العام الماضي، وقعت عقود تسليح مع روسيا بلغت قيمتها 3 مليارات و400 مليون دولار. وخلافاً للولايات المتحدة، تزوّد روسيا فنزويلا بالسلاح من دون ربط ذلك بأي شروط سياسية ومع احترام سيادة هذا البلد