واشنطن ــ محمّد دلبحالقاهرة ــ خالد محمود رمضان
كردستان العراق ــ وائل عبد الفتاح

تحاول الولايات المتحدة في شرم الشيخ اليوم، ومن خلال مؤتمر جوار ثانٍ،تريده نوعياً، أن تضبط إيقاع وجودها في الشرق الأوسط عبر العراق، الذي تعتبره «مركز المنطقة»، وتسخّر لـ«مصلحته» هذه المرّة لقاءً مع الجانبين الإيراني والسوري

لعلّ العامل الأساسي الذي حدّد التوقّعات بشأن نتائج مؤتمر شرم الشيخ حول العراق، هو إمكان لقاء دبلوماسي بين الجانبين الأميركي والسوري ــــ الإيراني إذا صحّ التعبير. ومبدأ ارتباط تلك المحادثات باشتراط «تقزيم» المواضيع، عدلت وزيرة الخارجيّة الأميركيّة كوندوليزا رايس عن المناداة به لتظهر مدى تعطّش بلادها لتسوية فعّالة مع «عدوّيها».
وفي حديث للصحافيين الذين يرافقونها في طريقها إلى شرم الشيخ أمس، حذّرت رايس من أنّ «المنطقة ستخسر الكثير وجيران العراق يجب أن يدركوا ذلك» إذا فشل المؤتمر، موضحةً أنّ «العراق هو مركز لشرق أوسط مستقر أو لشرق أوسط غير مستقر وعلينا كلنا أن نوحّد سياساتنا ووسائلنا للمساهمة في الاستقرارواعترفت رايس بأنّ الدول العربية المجاورة للعراق ذات الغالبية السنية ما زالت «متشكّكة» حيال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وتابعت «لكنّها فرصة لجيران العراق أيضاً لإظهار دعمهم، وبقدر ما لهم تأثير على الفصائل السياسية والقيادية في العراق، تشجيع هذه الفصائل على المشاركة في عملية المصالحة».
وكانت رايس قد أعربت أوّل من أمس عن استعدادها للإجابة عن «أي سؤال» تطرحه ايران إذا التقت متكي، بعد أن صرّحت الأحد الماضي بأن المحادثات مع الجانب الإيراني ستتركّز فقط على الشأن العراقي، وتابعت «لكن من الواضح أنّنا إذا التقينا وإذا تطرقنا الى مناقشة مواضيع أخرى، فإني على استعداد للتطرق إليها، وعلى الأقلّ للتذكير بالسياسة الأميركية».
أمّا متّكي فقد أوضح من جهته أنّه لا يزال يدرس «اللقاء المحتمل» مع رايس، حيث نقلت وكالة «مهر» الايرانية للأنباء عن متكي قوله خلال زيارة الى سلطنة عمان إن لقاءً مع رايس هو «قيد الدرس، ولم يتخذ أيّ قرار حاسم في هذا الشأن».
وكان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني قد قال أمس، إنّه ينبغي لاجتماع شرم الشيخ أن يتخذ خطى باتجاه تحقيق مصالح الشعب العراقي، وحذر من أن تكون له دوافع «وإلا فلن يثمر شيئاً»، وذلك بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) بعد عودته من زيارة للعراق استغرقت ثلاثة أيام.
وكان لاريجاني قد اتهم أوّل من أمس، دولاً وصفها بـ«الصديقة للولايات المتحدة» بـ«تصدير الإرهاب» الى العراق، كما اتهم واشنطن بالمسؤولية عن تصاعد «العمليات الإرهابية» في العراق بسبب «تصرفها وسلوكها الخاطئين».
وقال لاريجاني الذي كان يتحدث في مؤتمر صحافي عقده في النجف عقب لقائه المرجع الشيعي علي السيستاني، إنّ «إيران هي الدولة الوحيدة التي دعمت العملية السياسية في العراق منذ بدايتها وإن واشنطن ودول الجوار الاقليمي وكذلك الأمم المتحدة تعلم ذلك جيداً».
ونسبت (إرنا) إلى لاريجاني قوله إنّ الولايات المتّحدة «عالقة اليوم في مشكلات أوجدتها في العراق بنفسها وللعثور على مخرج من هذا الوضع تخلق مشاكل جديدة»، مضيفاً «نحن مستعدون لتنفيذ خطط اقتصادية في العراق ولهذا الغرض خصصنا اعتمادات بمليار دولار».
ومن المقرّر أن يبحث اليوم الأوّل من المحادثات مشروعاً يُطلق عليه اسم «الميثاق العراقي» وهو خطة مدّتها 5 سنوات تعرض على العراق دعماً مالياً وسياسياً وتقنياً في مقابل إجراء مجموعة من الإصلاحات، فيما سيشهد اليوم الثاني اجتماعاً لممثلي جيران العراق المباشرين وهم إيران وتركيا وسوريا والأردن والسعودية والكويت إضافة إلى مصر التي تستضيف الاجتماع.
ويحضر أعمال المؤتمر مندوبو دول الجوار والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والدول الصناعية الثماني ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية، وبمشاركة نحو 50 دولة.
ويقول محلّلون إنّ هناك حدوداً لما يمكن أن تفعله الدول المجاورة لتقليص العنف في العراق الذي يتّسم بفاعلية خاصّة به تعود جزئياً إلى المعارضة العراقية التي تأنف الوجود الأميركي والبريطاني في العراق.
وكشفت مصادر دبلوماسية عربية وأميركيّة رفيعة المستوى لـ«الأخبار» عن أنّ الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، يرى أن المالكي حليف استراتيجي لإيران وأنه رجلها فى العراق، مشيرةً إلى أنّ الانطباع نفسه موجود لدى كثير من العواصم العربية لكنها تخشى الإعلان عنه تفادياً لضغوط سياسية واقتصادية أميركية.
وكان الرئيس الأميركي جورج بوش قد أوضح أوّل من أمس، أنّ رايس ستكون «مهذبة لكن حازمة» مع متكي إذا أجرت معه محادثات، وقال خلال مؤتمر صحافي على هامش القمّة مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي في البيت الأبيض «هناك أمور أفضل يجب توقّعها للشعب الإيراني».
وعن موقف الأكراد من المؤتمر وتطلّعاتهم، قال الرئيس العراقي جلال طالباني، في لقاء ثقافي في مدينة السليمانيّة العراقيّة، إنّ «أهمّ ما فى المؤتمر هو اللقاء الأميركي ـــــ الإيراني، الذي بذلت و(نائب رئيس الجمهورية) عادل عبد المهدي مجهوداً ضخماً لإتمامه، لأنّ التفاهم بين الطرفين سيحقّق الأمن فى العراق».
ونوّه طالباني بالمؤتمر لأنّه «لأوّل مرّة يجتمع هذا العدد من الدول في تصميم على مساعدة العراق». وتساءل هل ستكون مساعدة كلامية أم فعليّة؟، مشيراً إلى أنّه «ربما تقرّر بعض الدول إلغاء الديون على العراق، لكنّنا لا نعرف إن كانت ستُلغى ديون الدول العربية أم لا؟».
وفي ردّ على سؤال لـ«الأخبار» عن درجة حرارة العلاقة مع إيران الآن قال طالباني إنّ «من مصلحتنا أن تكون إيران صديقة»، موضحاً أنّ طهران «قدّمت إلينا قرضاً قيمته 1 مليار دولار، ويتحمّلون منا أكثر من طاقتهم».