strong>سعد حداد والكتائب ذبحوا الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا كشفت مذكرات الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان أنه لم يكن مقتنعاً بمسوغات رئيس الحكومة الإسرائيلية مناحيم بيغن لاجتياح لبنان عام 1982، كما أنه لم يكن على علم مسبق بالغارة التي شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على مفاعل تموز النووي في العراق، مشيراً إلى أنه كان «خياراً خاطئاً».
كما وصف ريغان، في مذكراته التي كتبها بخط يده خلال السنوات الثماني التي قضاها في البيت الأبيض بين العامين 1981 و1989، الزعيم الليبي معمر القذافي بأنه «رجل مجنون»، وأنه شعر بغضب بعد اعتقال الإيرانيين مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال» في طهران واتهامه بأنه جاسوس صهيوني، لدرجة أنه كان على استعداد «لخطف الخميني»، في إشارة إلى المرشد الراحل للثورة الإسلامية في إيران.
ونشرت مجلة «فانيتي فير» الأميركية أمس مقتطفات من مذكرات ريغان، التي من المقرر أن تنشرها دار «هاربر كولينز» في وقت لاحق من الشهر الجاري. واستناداً إلى نانسي ريغان، فإن الرئيس الأربعين للولايات المتحدة كان يصطحب مذكراته معه أثناء سفره، وغالباً ما كان يسجل ملاحظاته على متن الطائرة الرئاسية.
وكتب ريغان في 15 أيار 1981 أنه بدأ يومه باجتماع في مجلس الأمن القومي والموضوع الرئيسي على طاولة البحث كان لبنان «والرسالة الأحدث من (المبعوث الأميركي الخاص فيليب) حبيب لا تبدو جيدة على الرغم من أنه قال بعدم اتخاذ أي قرار قبل أيام». وأضاف: «يبدو أن (رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم) بيغن أكثر مرونة من (الرئيس السوري الراحل حافظ) الأسد المدعوم من السوفيات. سيتوجّه حبيب إلى السعودية لرؤية إذا كان بإمكانهم الضغط على الأسد. في بعض الأحيان أتساءل عمّا إذا كان مقدراً لنا أن نشهد (الحرب اليونانية الأسطورية بين الشر والخير) أرمجيدون».
وفي الأول من حزيران من العام نفسه، كتب ريغان: «لقد وافقت على مناورات بحرية في مياه البحر المتوسط، التي زعم (العقيد معمر) القذافي أنها مياه إقليمية ليبية. لست متهوراً لكنه (القذافي) رجل مجنون. لقد كان يضيّق على طائراتنا التي تحلق فوق المياه الدولية، وحان الوقت لكي نظهر للدول الأخرى هناك، مصر والمغرب، أنه توجد طريقة مختلفة لإدارة هذه المسألة».
وقال ريغان في 7 حزيران 1981: «وصلتنا معلومات عن القصف الإسرائيلي للمفاعل العراقي. أقسم إني أعتقد أن أرمجيدون قريبة. عدت في الساعة الثالثة بعد الظهر إلى البيت الأبيض. أبلغني رئيس الحكومة بيغن بمسألة القصف بعد وقوعها».
وفي 6 شباط 1982، قال ريغان: «اتصل بيل كلارك (نائب وزير الخارجية الأميركية في حينها) ويبدو أن المشاكل تختمر في الشرق الأوسط. إسرائيل على أهبة اجتياح بسبب بناء القدرة العسكرية لمنظمة التحرير الفلسطينية. نحاول إقناع الإسرائيليين بعدم القيام بأي خطوة ما لم يكن هناك استفزاز من نوع معين. سيعترف العالم حينها بحق إسرائيل بالرد. لكن الآن، فقدت إسرائيل الكثير من التعاطف العالمي».
وفي 14 حزيران من العام نفسه، كتب ريغان أن اجتماع مجلس الأمن القومي كان عن الوضع في لبنان «هناك احتمال بأن تتمكن الفصائل اللبنانية المختلفة من التوحد وإخراج السوريين والإسرائيليين من البلاد ونزع سلاح منظمة التحرير الفلسطينية. لقد قدّم (وزير الخارجية الأميركية حينها) ألكسندر هيغ منطقاً جيداً حول المسألة برمتها. من المدهش كيف يمكنه أن يكون مقنعاً في المسائل الدولية المعقدة فيما يكون مشككاً مهووساً في ما يتعلق بالأشخاص الذين عليه التعامل معهم».
وفي 21 حزيران 1982، كتب ريغان: «مهما حدث من أمور أخرى فهذا كان يوم بيغن. اجتمعت إليه ساعات طويلة بوجود سفيرينا في البداية. وكنت شديد اللهجة وواضحاً في ما إذا كانت محاولة اغتيال وحشية، التي قد تبدو ناجحة في ما بعد، (أصيب السفير الإسرائيلي في لندن بالشلل نتيجتها) كانت تبرر الرد الذي حصد حياة الكثيرين في لبنان».
وقال ريغان، في 12 آب 1982، إنه بعدما تلقى أنباء القصف الإسرائيلي الوحشي لبيروت الغربية، الذي استمر 14 ساعة متواصلة، اتصل به الملك السعودي الراحل فهد «وتوسل إلي القيام بشيء لوقف هذه الوحشية». وأضاف: «اتصلت فوراً برئيس الوزراء بيغن، وكنت غاضباً جداً وقلت له إن عليه أن يتوقف أو إن مصير مستقبل علاقتنا بالكامل معرّض للخطر. استعملت عمداً كلمة محرقة وقلت له إن رمز هذه الحرب أصبحت صورة لطفل يبلغ من العمر سبعة أشهر وقد تقطعت يداه. قال لي إنه أمر بوقف القصف».
وفي 18 أيلول 1982، كتب ريغان عن مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا «في بيروت، دخل (الرائد الراحل سعد) حداد وميليشيا الكتائب المسيحية إلى مخيم لاجئين فلسطينيين وذبحوا الرجال والنساء والأطفال. لم يقم الإسرائيليون بأي شيء لوقفهم». وعن إيران، قال ريغان إنه علم من كولن باول (رئيس هيئة الأركان السابق) أن الإيرانيين أقدموا في طهران على اعتقال صحافي أميركي واتهامه بأنه عميل صهيوني «وألقوا به في السجن. إنه كاثوليكي. أنا على استعداد لخطف الخميني».
وتناول ريغان أيضاً، في مذكراته، علاقته بالرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي وصفه بأنه «رجل عظيم محب ولديه حس الفكاهة». وقال: «من الصعب وصف الشعور الصاعق والأسى الذي تملكني لدى سماعي نبأ اغتياله». وأضاف: «أحاول ألا أحمل ضغينة للذين اغتالوه لكني لا أقدر. ظهر القذافي مرتاحاً على شاشة التلفزيون، فيما سار شعبه محتفلاً في شوارع ليبيا بموت السادات. وأذاع بياناً من الإذاعة الليبية دعا فيه إلى قيام حرب جهادية قبل تأكيد نبأ مقتل السادات. لا بد أن هذا البيان أعد سلفاً، بكلمات أخرى كان يعلم أن الاغتيال سيقع».
(د ب أ)