دخلت ايرلندا الشمالية أمس مرحلةً تاريخيةً من ناحية علاقتها بلندن من جهة، والعلاقات في ما بين مكوّناتها الطائفية من جهة ثانية؛ فبعد بقائها خاضعةً لحكم ذاتي تحت إدارة حكومة صاحبة الجلالة لقرون، انتهى رسمياً أمس الحكم البريطاني المباشر على ايرلندا الشمالية بعد توقيع الأطراف الإيرلندية الكاثوليكية والبروتستانتية، اتفاقاً لتقاسم السلطة في العاصمة بلفاست.وأقسم زعيم حزب الديموقراطيين البروتستانت الأحرار أيان بايسلي (80 عاماً)، بحضور رئيس الحكومة البريطانية طوني بلير ونظيره الايرلندي بيرتي أهيرن، يمين منصب رئاسة الحكومة الجديدة. وتسلّم مارتن ماكغينيس (56 عاماً)، من حزب «الشين فين» الكاثوليكي، منصب النائب الأول لرئيس الحكومة.
وفور انتهاء مراسم التوقيع، قال بايسلي، وهو القسّ البروتستانتي المعروف بتشدّده، «اليوم نبدأ الطريق التي أظنّ أنها ستوصلنا إلى سلام دائم في بلدنا، أستطيع القول من صميم قلبي إن أيرلندا الشمالية أصبحت في وقت حل فيه السلام، في وقت لم تعد الكراهية فيه تحكمنا». وتابع أنه «سيُلزم نفسه بشروط من بينها نبذ العنف ودعم المحافظة على الأمن في البلاد»، وهو ما كرّر التزامه به عدوّه السابق مارتن مكجينيس، خلال اجتماع لجمعية ايرلندا الشمالية في مبنى ستورمونت، مقر البرلمان المحلي في بلفاست.
أما جيري ادامز، زعيم «الشين فين»، فقال تعليقاً على الاتفاق، إن «اقتسام السلطة يثبت أن الحوار والمثابرة يمكن أن يحققا نتائج».
ومن جهته، أثنى وزير شؤون أيرلندا الشمالية البريطاني، بيتر هين، الذي وقع أول من أمس أمراً بإعادة سلطات الحكومة المحلية من لندن إلى الاقليم، عزم الزعيمين، قائلاً «إننا نشهد فجر مستقبل ديموقراطي. وأعتقد أنه سينجح».
وتجمع آراء المتابعين للشؤون الايرلندية على أنّ الاتفاق يُعدّ تغيّراً جذرياً في موقف بيزلي، المدافع القوي عن صلات ايرلندا الشمالية ببريطانيا حتى الأمس القريب، وهو الذي كان يرفض حتّى التحدث إلى جناح «الشين فين». أما ماكغينيس، العضو السابق في الجيش الجمهوري الايرلندي، فكان تاريخياً محبّذاً لتوحيد ايرلندا الشمالية مع جمهورية إيرلندا الجنوبية.
(يو بي آي، رويترز،
ا ف ب، د ب أ، أ ب)