باريس ــ بسّام الطيارة
لا يمكن القول إن الرئيس الفرنسي الجديد نيكولا ساركوزي لن يهتم بدول شمال أفريقيا والمحيطة بالمتوسط والدول المحيطة به، إذ إنه منذ اليوم التالي لانتخابه استقل طائرة خاصة ليستريح في أقرب نقطة من هذه الدول في جزيرة مالطا على متن يخت فاخر وضعه بتصرفه أحد أصدقائه الأثرياء فانسان بولوريه، بعدما قضى ليلة في أحد أفخم فنادق باريس على جادة الشانزيليزيهثماني وأربعون ساعة لم تمض على انتخاب مرشح اليمين حتى بدأت ألسن الفرنسيين تتحدث عن «نزعته للحياة الفاخرة وحبه للبذخ» وهو ما لم يخفه بتاتاً خلال حملته الانتخابية، ما دفع بعض المتحدثين في الشارع الفرنسي إلى القول «لا أحد يستطيع أن يقول إنه لم يكن يعرف هذه النزعة».
لكن الانتقادات تصب على «التناقض» بين طروحات الحملة الناجحة التي قام بها والتي تمحورت على «النهوض باكراً والعمل ومساعدة الضغفاء»، فإذا بالرئيس الجديد يبيت ليلته الأولى في فندق فخم يمثل أحد «معالم الانكسار الاجتماعي» الذي تعانيه فرنسا. حتى الذين يوافقون على أنه استحق إجازة بعد حملة انتخابية منهكة، فهم ينتقدون «اختيار الخروج من الوطن»، ويذكّرون بأن كل الرؤساء السابقين اختاروا منطقة ريفية في فرنسا أو بقوا في منازلهم للراحة بعد انتخابهم. إضافة إلى أن صعوده إلى هذا اليخت الفاخر يحيي الاتهامات بتآلف مرشح اليمين مع الرأسمال الكبير. كما أن رحلة مثل هذه تكلّف دافعي الضرائب مبالغ باهظة، إذ إنه منذ إعلان النتائج بات ساركوزي محاطاً بجهاز أمن الدولة الذي يؤمن حمايته.
ويجيب أحد أقرب المقربين إلى ساركوزي، فرانسوا فيلون المرشح لرئاسة الوزراء، بأن الرئيس المنتخب «يستريح لكنه يعمل أيضاً». ويؤكد أنه سوف يجتمع معه غداً في مكان لم يعلن عنه لوضع اللمسات الأخيرة للحكومة الجديدة.
وخصصت الصحافة قسماً كبيراً من صفحاتها «لفسحة راحة ساركوزي الفاخرة»، وخصوصاً أن «السيارات لا تزال تحترق في شوارع العديد من المدن الفرنسية». وبدأت الانتقادات من الأحزاب المعارضة التي ترى أنها خسرت والتي دعت «المشاغبين للقبول بنتيجة الانتخابات»، إلا أن بعض التململ بدأ يظهر في صفوف الديغوليين، وخصوصاً أن التسريبات في شأن الحكومة الجديدة لا تعطيهم إلا فتاتاً. حتى أرباب العمل الذين رحبوا بانتخاب الرئيس الجديد لا يخفون أنه كان «يمكنه الاستراحة في الداخل» من دون ضوضاء. بينما لا يرى بعض «المؤيديين العقائديين لساركوزي» أنه ارتكب أي خطأ لا بل يرون أن «يعيش أفكاره الليبرالية»، وأن على الفرنسيين أن يتعوّدوا هذا النمط، وأنه على الذين «يريدون أن يعيشون في الرخاء العمل». أقل ما يمكن قوله إن أول ظهور إعلامي للرئيس المنتخب شغل «البابارازي» أكثر من المحللين السياسيين، وقد يقرأ المتابعون «لسياحته الفاخرة» رسالة إعلامية مفادها أنه مثل فرسان محفل مالطا دافع عن عقيدته الليبرالية، لكنه لم يلتفت هذه المرة إلى الضعفاء، قد يأتي دورهم لاحقاً.
يعود نيكولا ساركوزي غداً إلى فرنسا ليوافق على الترتيبات الأخيرة لمراسم التسلّم والتسليم وقد يرافق شيراك لافتتاح «نصب يوم العبودية» في حديقة في وسط باريس.