باريس ــ بسّام الطيارة
قطع الرئيس الفرنسي المنتخب نيكولا ساركوزي «رحلته السياحية الفاخرة» وعاد أمس على متن طائرة خاصة إلى باريس ليواجه موجة الاستياء من مظاهر البذخ والتبذير التي رافقت الأيام الأولى لرئاسته.
ولن يجد ساركوزي في العاصمة صحافة «البابارازي» فقط في انتظاره، بل سيواجه مشكلة، تحاول وسائل الإعلام بشتى الطرق التقليل من أهميتها، وهي تظاهرات السخط التي تعصف بالمدن الفرنسية لليوم الثالث منذ إعلان نتيجة الانتخابات. وقد بلغ عدد السيارات المحروقة حتى الأن ما يزيد على ١١٣٠ سيارة، وتوقيف ما يزيد على ٢٠٠ مشاغب، ما يعيد التذكير بأحداث ثورة الضواحي التي «هبّت في وجهه» حين كان وزيراً للداخلية.
ويصف المراقبون المشاغبين بأنهم في غالبيتهم من «الفوضويين» والمنتمين إلى منظمات ثورية شيوعية صغيرة، بالإضافة إلى مجموعات من العاطلين من العمل الشباب. ويعمد هؤلاء إلى ممارسة نوع «من حرب العصابات في المدن» فيهاجمون تجمعات الشرطة قبل أن يهربوا في الشوارع الضيقة والأزقة، ليعودوا ويظهروا في حي غير بعيد يحرقون بعض صناديق القمامة ويحطمون واجهات المحلات ويحرقون بعض السيارات قبل وصول الشرطة.
وحتى لو ركز ساركوزي على كون هؤلاء المشاغبين من «الهامشيين»، فإن المراقبين يتوقعون أن تطول هذه المواجهات، وخصوصاً أنها لم تصل بعد إلى «الضواحي الحامية»، ولم يشارك فيها «شباب الضواحي» حتى الآن. وتتخوف أجهزة الأمن من «عامل العدوى» الذي يمكن أن يزيد من تفاقم الأزمة وانتقالها إلى مناطق «أكثر حساسية».
وينتظر ساركوزي خبراً سيئاً آخر، إذ يستعد طلاب جامعة السوربون للبدء بحملة اعتراض على الخطط التي أعلنها في برنامجه الانتخابي. فقد صوّت أمس طلاب الجامعة العريقة على «قرار الإضراب واختلال الجامعة» في حركة تبدو إشارة إلى بدء تحرك طلابي أوسع.
ورغم اختلاف دوافع الحركتين، فإن فرنسا لم تشهد حتى اليوم بداية عهد مشابه من حيث «التوتر الذي خلقه وصول مرشح بالذات»، مع الإشارة إلى أن المدن التي توجد فيها «كثافة جامعية» هي التي تشهد أعنف المعارك.
كما يقول البعض إن جواب ساركوزي «المتكبر» على الانتقادات التي رافقت «رحلته» لن تساعد في «التخفيف من حنق المناوئين لوصوله»، الذين يشددون على نفورهم من شخصيته. فهو كرر قوله إن «هذا الأمر يتعلق بحريته الشخصية». وأشار إلى أن هذه الرحلة «لم تكلف دافعي الضرائب قرشاً واحداً»، وأنه لن «يغير عاداته». ويرى البعض أنه «عمد مثل عادته إلى جعل الفرنسيين يتصدون لبعضهم»، إذ قال «إن الفرنسيين قادرون على التفريق بين الأمور» المهمة وغير المهمة. وقد استفز هذا التصريح بعض «المتعاركين» في الشوارع الذين كانوا يصرخون «ساركو الفاشي سينال منك الشعب» أو «بيتان هيا عد، لقد نسيت كلباً»، في إشارة إلى الجنرال بيتان الذي تعاون مع النازيين.
وفي تذكير بانتقاد ساركوزي خلال حملته لثورة الشباب، كان عدد من اللافتات يحمل إشارات إلى «ثورة ٦٨» مع التنديد بأسماء جورج بوش وسيلفيو برلسكوني، وتنديد بـ«العنف السياسي» الذي يشكله انتخاب ساركوزي.
وفي نبأ قد يزيد حالة السخط على ساركوزي، ولا سيما في الأوساط العربية والإسلامية، ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية أن أرنو كلارسفيلد، الذي يحمل الجنسية الإسرائيلية، مرشح بقوة لتولي وزارة الهجرة والهوية الوطنية في حكومة ساركوزي.
وولد كلارسفيلد في فرنسا وانحاز إلى ساركوزي واليمين الفرنسي بعدما خسر تعاطف اليسار الفرنسي في عام 2002 نتيجة حصوله على الجنسية الإسرائيلية والانضمام إلى شرطة الحدود الإسرائيلية، حيث خدم على نقاط التفتيش المحيطة ببيت لحم.
لكن مسؤولين في حزب «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية»، الذي يتزعمه ساركوزي، نفوا وجود قرارات نهائية في ما يتعلق بالمناصب الوزارية.