strong>نفى الرئيس السوري بشار الأسد أمس وجود أي اتصالات مع إسرائيل «لا علنية ولا سرية»، مشدّداً على أن «عودة الجولان غير قابلة للتفاوض»، معتبراً أن استخدام عملية السلام كـ «جائزة أو منحة» سينقل المنطقة إلى حالة جديدة من الفوضى. وأعلن أن التعاون مع المحكمة الدولية لمحاكمة المتهمين في اغتيال الرئيس رفيق الحريري «مرفوض إذا كان يتعارض مع السيادة الوطنية»قال الرئيس السوري بشار الأسد، في كلمة أمام مجلس الشعب السوري الجديد، «ليس هناك أي اتصالات مع إسرائيل لا علنية ولا سرية». وشدّد على أن «إسرائيل غير مهيّأة للسلام» على الصعيدين الرسمي والشعبي، محذراً من «إمكان قيام إسرائيل بأعمال عدوانية في ضوء حكومة ضعيفة غير قادرة على اتخاذ قرار السلام الاستراتيجي». وأضاف «لا بد من اليقظة والحذر ورص الصفوف».
وشدّد الأسد على أن بلاده «لا تفرض شروطاً مسبّقة» في عملية السلام. وقال «هناك متطلبات للسلام لن نتنازل عنها وهي أن تبدأ عملية السلام من حيث توقفت والتزام القرارات الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام وتوافر راعٍ نزيه».
وشدد الأسد على أن «عودة الجولان السوري غير قابلة للتفاوض»، مضيفاً إن «الأرض هي الأساس، ومن دون هذا الأساس لا عملية سلام ولن نفاوض عليها وإن كان الجانب الإسرائيلي جاد فأول تحرك يقوم به يكون الانسحاب إلى حدود عام 1967».
وفي رد غير مباشر على ما أعلنه رجل الأعمال الأميركي السوري الأصل إبراهيم سليمان أخيراً عن تكليف سوريا له التفاوض مع إسرائيل، قال الأسد «نحن لا نكلف أحداً التفاوض عنا، ولكننا نشجع» الراغبين في بذل جهود في مجال التقريب في وجهات النظر. وأضاف «أطمئنكم الى أنه لدينا عشرات من هؤلاء الوسطاء أغلبهم يريد أن يذهب إلى إسرائيل أو أن يكون قادماً منها ويريد أن يؤدّي دوراً فنشجعه».
وشدّد الأسد على أن «إسرائيل تسعى لترويج قضية مفاوضات سرية مع سوريا لتقول للعرب إن سوريا صاحبة المبادئ مستعدة من خلف الستار لأن تقوم باتصالات مع إسرائيل وهي مستميتة في سبيل ذلك». ورأى أن مفاوضات سرية تعني أن تكون «خارج الرقابة الدولية»، مضيفاً إن «إسرائيل تستطيع أن تتنصل من أي شيء تلتزمه».
وقال الأسد، في معرض تطرّقه إلى المحكمة الدولية، إن بلاده ترى أن موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي «أمر خاص بين لبنان والأمم المتحدة» وأن سوريا «غير معنية بها». وأضاف إن الخضوع لموضوع المحكمة الدولية هو بمثابة «انتداب» بطريقة أخرى، مؤكداً أن سوريا تعاونت في موضوع التحقيق «إلا أن أي تعاون يتطلب تنازلاً عن السيادة الوطنية مرفوض بالنسبة إلينا جملة وتفصيلاً»، مشدّداً على أن سوريا «تعاونت مع القرارات الدولية وهي جاهزة للتعاون في إطار التحقيق الآن وفي المستقبل».
وعمّا تردد عن أن سوريا لا تتعاون مع التحقيق ومع المحكمة، قال الأسد «لا يفرّقون بين التعاون والتنازل عن السيادة، فنحن نقدم المعلومات المفيدة في قضية التحقيق، ولكن لا نتنازل عن سيادتنا»، معتبراً أن «المحكمة كالانتداب بطريقة أخرى وبعناوين أخرى».
وردّ الأسد على ما قاله البعض بأن سوريا وقّعت ميثاق الأمم المتحدة وهي ملزمة بالتعاون في قضية المحكمة بالقول «نحن وقّعنا على ميثاق الأم المتحدة، لا على مصالح الولايات المتحدة»، مشيراً إلى أنه «لا ملاحظات سورية على المحكمة». وأضاف «لقد سئلنا عن الملاحظات السورية وقلنا لهم ليس هناك ملاحظات ولكن هناك دراسات غير ملزمة قام بها بشكل طوعي بعض الحقوقيين العرب وقمنا بتجميعها وأرسلناها للسائلين».
وكرر الرئيس السوري أن بلاده «تدعم أي خيار يحقق التوافق اللبناني ويمثل الشعب والدولة»، معتبراً أن «السلام في لبنان أصبح سلاماً للمنطقة وسوريا ستعمل لمصلحة الشعب اللبناني». وأكد أن «العلاقة بين البلدين أكبر من أن تؤثر فيها بعض السياسات الموتورة».
وأشار الأسد إلى أن تقرير فينوغراد «دان بعض الأصوات العربية التي تحدثت عن هزيمة لبنان في الحرب الأخيرة قبل أن يدين أي مسؤول إسرائيلي».
وفي الموضوع العراقي، كرر الأسد موقف بلاده من المسائل المطروحة. وشدد على أن سوريا «تعمل على مساعدة الشعب العراقي لتجاوز محنته لا على مساعدة قوات الاحتلال للخروج من ورطتها». وشدد مجدداً على ضرورة «جدولة انسحاب قوات الاحتلال من هذا البلد».
وعن محاولات عزل سوريا، قال الأسد إن «الوقائع أثبتت أن من يعزل سوريا يعزل نفسه عن قضايا المنطقة لأن لسوريا دورها ومكانتها وهذا ليس منة من أحد وإنما بحكم موقعها وتاريخها»، مضيفاً إن «من يربط مصيره بمصير شعبه لا أحد يستطيع أن يعزله سوى شعبه».
وقال الرئيس السوري إن بلاده «تسعى لعلاقات جيدة ومتوازنة مع الجميع». وأضاف نحن «نسعى إلى حوار يحترم عقلنا من دون التنازل عن الكرامة والخضوع لإملاءات ولمصالح الآخرين وإنما لمصالحنا».
وشدد الأسد على أن «السنوات الماضية أثبتت أن منطق القوة والحروب الاستباقية يفاقم عوامل التوتر»، داعياً واشنطن إلى «معالجة موضوعية لمشكلات المنطقة بدلاً عن القفز فوقها».
ودعا مجلس الشعب إلى «تكريس ثقافة المقاومة حيال ما تتعرض له الأمة من تحديات».
(سانا)



باريس تجدد دعوة دمشق إلى التعاون
دعت فرنسا، أمس، سوريا إلى التعاون مع المحكمة الدوليّة المكلّفة في قضيّة رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري بعد رفض الرئيس السوري بشار الأسد هذا التعاون «إذا كان يتعارض مع السيادة الوطنية».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي، في مؤتمر صحافي أمس، «ننتظر من جميع الأطراف، بمن فيهم سوريا، التعاون لجلاء الحقيقة وإحقاق العدالة تماشياً مع روح القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي»، مضيفاً أنّ «فرنسا تتوقّع إذاً من سوريا أن تتعاون مع إنشاء المحكمة وحسن سير عملها».
(أ ف ب)