سجّل حزب العدالة والتنمية أمس نقطة لمصلحته في المعركة التي يخوضها ضدّه علمانيّو تركيا، عندما وافق البرلمان على تعديل دستوري مهم، يسمح بانتخاب الرئيس بالاقتراع الشعبي المباشر، وهي خطوة من المرجّح أن تفجّر توتّراً جديداً بين الحكومة ذات الجذور الإسلامية، والنخبة العلمانية المدعومة من الجيش.غير أنّ «الإنجاز» التشريعي يبقى ناقصاً، بما أنّ مشروع القانون الذي أُقرّ بأكثرية 370 نائباً من أصل 550 في البرلمان، يحتاج الى توقيع الرئيس أحمد نجدت سيزر لكي يصبح نافذاً.
وينص التعديل على انتخاب الرئيس بالاقتراع العام المباشر في جولتين لولاية من خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، بدلاً من ولاية واحدة من سبع سنوات، كما هو معمول به حالياً، كذلك ينصّ على تنظيم انتخابات تشريعية كل أربع سنوات بدلاً من خمس.
ولمّح سيزر، بعد جلسة البرلمان، إلى أنه قد يستخدم حقه في نقض القوانين (الفيتو) ضد التعديل بحجة أنه أُقر على عجل، ومن دون أن يحظى بالنقاش الكافي. ويعطي الدستور التركي سيزر، وهو من أشد المتمسكين بالعلمانية، أسبوعين فقط لإصدار قانون او استخدام حقه في النقض. فإذا رفض المشروع، سيتعين على البرلمان التصويت من جديد عليه في صيغته نفسها، وعندئذ لن يكون باستطاعة الرئيس منع المصادقة عليه، ولا يترك له الدستور حينها سوى اللجوء الى استفتاء شعبي.
وكان حزب العدالة والتنمية الحاكم قد قرّر المضي قدماً في تعديل الدستور، واللجوء الى الناخبين، بعدما خسر معركته مع خصومه العلمانيين عندما اضطرّ المرشّح الوحيد للرئاسة، عبد الله غول، الى الانسحاب من السباق الرئاسي يوم الثلاثاء الماضي، تحت ضغط شعبي وسياسي كبيرين. وحصل انسحاب غول بعدما وجد «العدالة والتنمية» أنه من المستحيل إجراء العملية الانتخابية الرئاسية نتيجة اشتراط المحكمة الدستورية حضور ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عدد مقاعده 550 مقعداً، لانعقاد جلسة التصويت الرئاسية.
وأجّل البرلمان الانتخابات الرئاسية الى ما بعد الانتخابات العامة في 22 تموز. وسيستمر سيزر المنتهية ولايته في منصب الرئاسة بصورة مؤقتة الى حين اختيار خليفة له.
وحسب نظام الديموقراطية البرلمانية المعتمدة في تركيا، تمتلك الحكومة غالبية السلطات الإجرائية، بينما يمتلك الرئيس حق النقض وسلطات تعيين بعض كبار الموظّفين، كما أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة.
من جهتها، وكما كان متوقّعاً، عارضت الأحزاب والكتل التركية العلمانية الرئيسية في البلاد، حزب الشعب الجمهوري، ومنظمة أرباب العمل «توسياد»، هذه التعديلات، معتبرة أنه لا بد من إجراء نقاش شعبي قبل المسّ بالتوازنات المؤسساتية.
وأفاد استطلاعان للرأي نُشرت نتائجهما أمس أن حزب العدالة والتنمية هو الأوفر حظاً للفوز بالانتخابات بنسب تراوح بين 29 و 41 في المئة من اصوات الناخبين.
كما عارضت أحزاب المعارضة عملية انتخاب رئيس جديد يحل محل الرئيس الحالي على خلفية العداء الذي تكنه لوزير الخارجية، عبد الله غول.
تجدر الإشارة إلى أن شوارع في أنحاء مختلفة من تركيا، شهدت حملة تعبئة شعبية كبيرة على مدار الأسابيع القليلة الماضية، خرج فيها ما يقارب مليون شخص احتجاجاً على ترشيج غول وتأييداً للتقاليد العلمانية.
إلى ذلك، وفي الجلسة البرلمانية نفسها، صادق النواب الأتراك على تعديل دستوري يهدف لمنع النواب المستقلين الموالين للأكراد من دخول البرلمان، وذلك من خلال تعقيد مهمة الناخبين في جنوب شرق البلاد حيث الغالبية كردية.
(ا ف ب، رويترز، د ب أ)