غزة ــ رائد لافي
شهد الوضع الداخلي الفلسطيني أمس تدهوراً شديداً مع توسّع دائرة الاشتباكات بين حركتي «حماس» و«فتح»، التي أدت إلى مقتل أربعة فلسطينيين وإصابة نحو 11 آخرين، وسط تبادل اتهامات بين الطرفين.
واغتال مسلحون مجهولون أمس القيادي في «كتائب شهداء الأقصى»، الذراع العسكرية لحركة «فتح»، بهاء أبو جراد (32 عاماً)، عندما فتحوا النار على السيارة التي كان يستقلها في بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة.
وقالت مصادر إعلامية تابعة لـ«فتح» إن مسلحين ينتمون إلى «حماس» نصبوا كميناً لأبو جراد، وأطلقوا قذيفة (آر بي جي) وفتحوا النار بكثافة باتجاه السيارة الرباعية الدفع التي كان يستقلها. وقتل خلال العملية نفسها الشاب توفيق البودي (37 عاماً)، جراء إصابته بجروح خطرة في العنق، عندما صودف وجوده في المكان.
وقالت المصادر إن حركة «حماس» تتهم أبو جراد بالمسؤولية عن عمليات إطلاق نار استهدفت مقاوميها خلال مرحلة الاقتتال الداخلي التي سبقت توقيع اتفاق مكة.
وحمّلت «فتح»، على لسان المتحدث باسمها عبد الحكيم عوض، «حماس» المسؤولية الكاملة عن عملية الاغتيال، ورأتها «تستهدف الوحدة الوطنية واتفاق مكة». وقال عوض إن «فتح» ستضع كل الأطراف التي رعت اتفاق مكة، وفي مقدمتهم السعودية والفصائل الفلسطينية، في صورة تفاصيل عملية اغتيال أبو جراد، مشيراً إلى أنها «من أخطر الحوادث التي تقع منذ اتفاق مكة».
وتوعدت حركة «فتح» في بيان بالقصاص من القتلة، مشددة على أن «رؤوس القتلة والجناة لن تفلت من طائلة العدالة والقصاص». كما طالبت كتلة «فتح» البرلمانية وزير الداخلية هاني القواسمي بالاستقالة إذا لم يلق القبض على منفذي عملية الاغتيال.
وفي المقابل، استنكرت حركة «حماس» «الموقف المتسرع الذي اتخذته حركة فتح، بتوجيه أصابع الاتهام لها»، ودعتها إلى «توخي الدقة والحذر والتأني قبل إلقاء التهم جزافاً وإلصاقها بالأبرياء».
ونفى ممثل «حماس» في المكتب المشترك مع حركة «فتح»، أيمن طه، علاقة الحركة بعملية الاغتيال، متهماً في الوقت نفسه «جهات خارجة عن الصف الوطني بالسعي إلى تدمير الاتفاق بين حركتي فتح وحماس خدمة لأجندة خارجية».
وقالت «كتائب القسام»، في بيان، «إن أبو جراد، بالرغم من وقوفه مباشرة وراء جريمة اغتيال القائد المجاهد الشيخ ماجد أبو درابيه (قتل في سياق مرحلة الاقتتال قبل اتفاق مكة)؛ إلا أننا نؤكد أن لديه خلافات داخلية كبيرة في حركة فتح ومشاكل كثيرة مع عائلات فلسطينية»، مشيرة إلى أن «تحميل كتائب القسام المسؤولية في هذا الوقت هو مسألة موجهة ومسيّسة وتهدف إلى خلط الأوراق وتضليل الجماهير».
وفي تطور لاحق، ذكرت مصادر طبية وأمنية فلسطينية أمس أن فلسطينيين اثنين قتلا وأصيب 11 آخرون، بينهم ثلاثة وصفت جروحهم بأنها حرجة، إثر اشتباكات اندلعت بين مسلحين تابعين لحركتي «فتح» و«حماس» غربي مدينة غزة.
كما اعتقل حرس الرئيس محمود عباس نحو 17 شاباً، بينهم عدد من نشطاء حركة «حماس»، بعدما نصبوا حواجز طيارة في محيط منزل أبو مازن غرب مدينة غزة.
في هذا الوقت، أعلن القواسمي تعليق استقالته، والعودة إلى ممارسة مهام عمله. ووفقاً لبيان أصدرته وزارة الداخلية أمس، فإن «قرار الوزير يأتي إدراكاً لخطورة هذه المرحلة وتعقيداتها وإحساساً بالمسؤولية الوطنية وسعياً وراء رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني».
وفي السياق، أكد المتحدث باسم مجلس رئاسة الوزراء، غازي حمد، أن رئيس الحكومة إسماعيل هنية اتفق مع القواسمي على البدء في الخطوات الإجرائية لتنفيذ الخطة الأمنية ووضعها موضع التنفيذ بهدف ضبط الوضع الداخلي والقضاء على الفوضى والفلتان.