واشنطن ــ محمد دلبح
إليوت أبرامز العين الساهرة على حماية مصالح إسرائيل في واشنطن

عزت مصادر أميركية مطّلعة تأجيل وزيرة الخارجية لزيارتها إلى المنطقة إلى رفض الرئيس جورج بوش ممارسة أي ضغوط على إسرائيل للتوصل إلى اتفاق للتسوية مع السلطة الفلسطينية وفق مقترحات قدمتها كوندوليزا رايس استناداً إلى المبادرة العربية وتحركات اللجنة الرباعية العربية الخاصة لتسويقها.
وقالت هذه المصادر إن نائب مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي ومسؤول ملف تسوية الصراع العربي ـــ الإسرائيلي في البيت الأبيض إليوت أبرامز وصف بوش، خلال لقاء مع عدد من القادة اليهود في الحزب الجمهوري عقد في البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، بأنه «كابح طوارئ» يمكنه الحيلولة دون إرغام إسرائيل على القبول بموقف غير مريح لها، وخاصة في ظل الوضع الصعب الذي يعيشه رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت، الذي تراجعت شعبيته إلى ما دون 3 في المئة وانطلاق التظاهرات المطالبة باستقالته بسبب سوء الأداء خلال عدوان تموز.
وقال أبرامز، وهو يهودي أميركي سبقت إدانته بقضية «إيران ـــ كونترا» في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان وخرج بعفو أصدره الرئيس الأسبق جورج بوش الأب، إن ما حققته جولات رايس السابقة في المنطقة، التي بلغت منذ توليها منصبها عشر جولات، هو «عملية فقط»، موضحاً أنها خطوات ضرورية لإبقاء الاتحاد الأوروبي والدول العربية التي توصف بـ«المعتدلة» «على قائمة الفريق» وإقناعهم بأن الولايات المتحدة تعمل على نشر السلام في المنطقة.
وأبلغ أبرامز، الذي ينتمي إلى تيار المحافظين الجدد، القادة اليهود الجمهوريين أنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة يمكن أن تحقق تقدماً ملحوظاً على مسار التسوية الفلسطيني ـــ الإسرائيلي، لكنها قد تحقق فقط نجاحاً في بعض المسائل المحدودة تتعلق بحرية الحركة والتنقل للفلسطينيين في الأراضي المحتلة وتعزيز حرس الرئاسة الفلسطينية.
وكانت الإدارة الأميركية قد عرضت أخيراً، في سياق مساعيها لتحسين العلاقات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، مجموعة من الأهداف المتواضعة لتيسير حركة تنقل الفلسطينيين وتدعيم أمن إسرائيل. وقد كشف عن الوثيقة الأميركية بهذا الشأن في الرابع من الشهر الجاري. وقال مسؤولون إسرائيليون إن بعض الأفكار التي تضمنتها الوثيقة والجدول لن يجري تنفيذها على الأرجح، بسبب المخاوف الأمنية.
وكانت رايس تعتزم، في زيارتها التي تأجلت، دفع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق حول المقترحات، التي تتراوح في مداها من إزالة نقاط تفتيش معينة في الضفة الغربية، إلى نشر قوات شرطة فلسطينية أحسن تدريباً، بغية وقف إطلاق الصواريخ من غزة ضد أهداف إسرائيلية ووقف تهريب الأسلحة والمتفجرات والأشخاص إلى غزة من مصر.
غير أن أبرامز قلّل، في لقائه مع القادة اليهود الجمهوريين، من احتمالات تحقق ذلك.
وقد اتهم العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ، تشاك هاغل، أبرامز بأنه يمنع إدارة بوش من تبنّي «سياسة متماسكة إزاء الشرق الأوسط» تمكنها من إشراك إيران وسوريا في محاولة لتحقيق الاستقرار في العراق. وقال هاغل إنه يعرف أن «هناك العديد من الإسرائيليين الذين يرغبون في إشراك سوريا، لكنهم قالوا إن إليوت أبرامز يواصل دفعهم إلى الخلف». ونقل هاغل عن وزراء خارجية أجانب وسفراء ومسؤولين أميركيين سابقين قولهم إنهم يعتقدون أن أبرامز «يصنع سياسة البيت الأبيض في الشرق الأوسط».
وذكرت صحيفة «فوروورد» اليهودية الأميركية إن مصادر وثيقة الصلة بصانعي القرار في إسرائيل يعتقدون أن أبرامز هو شخصية أساسية داخل البيت الأبيض لجهة صناعة القرار المتعلق بالمنطقة، وهو الأمر الذي يدفع بأولمرت إلى إبقاء قناة اتصاله مفتوحة مع أبرامز، الذي يمثل الصوت الرئيسي في دفع اليهود الأميركيين إلى دعم الحرب على العراق.
وفي السياق، تبدي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية معارضة شديدة لبندين أساسيين، يندرجان ضمن إطار خطة «اختبار التنفيذ» المطروحة على إسرائيل والسلطة الفلسطينية: الإزالة التامة للحواجز في الضفة الغربية (ولا سيما حول مدينة نابلس) ومطلب استئناف «الممر الآمن» بين الضفة والقطاع. وكان مسؤولون كبار في الشاباك والجيش الإسرائيليين قالوا، خلال مداولات أجراها وزير الدفاع عامير بيرتس، إنه إذا استجابت إسرائيل لهذه المطالب، فإن الأمر سيشكل مخاطرة أمنية ويفتح لمنظمات «الإرهاب» الفلسطينية ثغراً تستغلها لاستئناف العمليات ضمن نطاق الخط الأخضر. كما تخشى محافل أمنية أن تُسهّل الاستجابة لمطالب الوثيقة الأميركية على المنظمات «الإرهابية» نقل خبراء ومعلومات من القطاع إلى الضفة.
إلى ذلك، أمر بيرتس المسؤول الأمني في الوزارة يحيئيل حورب بالشروع في تحقيق رسمي لمعرفة ما إذا كان يوجد مصدر أمني في الوزارة يساعد الأميركيين في بلورة وثيقة «اختبارات التنفيذ» بالنسبة للفلسطينيين.