القاهرة ــ عبد الحفيظ سعد
لم يمنع اعتقال سلطات الأمن المصرية لـ59 من المشتبه في إشعالهم حادث الفتنة الطائفية في قرية «بمها» التابعة لمدينة العياط (جنوب القاهرة)، من استمرار المشاحنات بين المسلمين والأقباط أمس في تحدٍّ صريح للطوق الأمني المفروض على القرية.
وكان مصدر أمني مصري قد أعلن أول من أمس توقيف 59 مسلماً إثر مواجهات اندلعت الجمعة في القرية المذكورة. وقال المصدر، لوكالة «فرانس برس»، إن الأجهزة الأمنية تتولّى استجواب الموقوفين الذين ستوجّه إليهم تهم «إثارة الفتنة والتجمهر وأعمال شغب، والإضرار بالأمن العام، والإتلاف العمدي لممتلكات الغير، والشروع في القتل».
وكادت الفتنة أن تشتعل من جديد أمس بعدما شبت النيران في مسجد صغير في القرية، حيث اتّهم المسلمون أحد الأقباط بأنه وراء الحريق.
وكشفت التحريات الأولية أن سبب الفتنة هو بناء الكنائس، بعدما أجرى أحد المسيحيين، ويدعى مجدي حنا، بعض الإصلاحات في منزله لتوسيعه، فسرت شائعة بين المسلمين في القرية بأن الرجل سيحوّل منزله إلى كنيسة. وهذا ما حمل بعض الشبان المسلمين، بعد صلاة الجمعة، الى التزوّد بأسلحة وعصيّ وموادّ سريعة الاشتعال ومهاجمة ٢٥ منزلاً أشعلوا فيها النيران. كما أحرقوا ٥ محال تجارية وأصابوا عشرة أشخاص بحروق وكسور وكدمات متفرقة.
وأكد رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، المستشار نجيب جبرائيل، الذي يهتم بقضايا الأقباط، لـ «الأخبار» أمس، أن «لب الخلاف بين المسلمين والأقباط هو بناء الكنائس»، مضيفاً «أعتقد أن سبب ذلك يعود أساساً الى امتناع الحكومة عن إصدار قانون البناء الموحد لدور العبادة.. الذي يتم تأجيله منذ ثلاث دورات متتالية في مجلس الشعب». وأضاف «أعتقد أن إقرار القانون سيحل كثيراً من الأزمات التي تتفجر كل فترة بين المسلمين والأقباط، لكن الدولة تشارك بالصمت والتأجيل في تفاقم الأزمة».
أمّا المفكر القبطي كمال زاخر، الأقرب الى الموقف العلماني، فيرى «أن الأزمة الحقيقية تتعلق بسيطرة الهاجس الشعبي الديني المتطرف على الشارع وتقوقع الأقباط في الكنيسة وكذلك سيطرة المؤسسة الدينية على عقول المسلمين والأقباط ولا بد من تبني وجهة نظر الدولة المدنية». وقال «أعتقد أن حل مثل هذه الأزمات لن يأتي إلا بقرار سياسي وفتح حوار بين جميع الأطراف».
والمعروف أن بناء الكنائس في مصر يخضع لقانون «الخط الهمايوني»، الذي أُقر في عهد الرئيس جمال عبد النصر ويمنع بناء كنيسة جديدة إلا بموافقة رئيس الجمهورية.
وكانت مصر قد شهدت في نيسان 2006 مقتل قبطيين اثنين خلال مهاجمة ثلاث كنائس في الاسكندرية.