موسكو ــ حبيب فوعاني
يبدو أن «الحرب الباردة» الكلامية بين واشنطن وموسكو قائمة على قدم وساق، وخاصة بعد الهجوم الذي شنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 9 أيار الجاري على الولايات المتحدة، وذلك في خطابه الذي ألقاه خلال الاحتفال بالذكرى الـ62 للانتصار على النازية. لكن ذلك لا يمنع إمكان وجود محاولات من واشنطن لعقد صفقة مع «الصديق اللدود» ضد إيران.
وكان الرئيس الروسي قد أشار، أمام 7000 عسكري في الساحة الحمراء في موسكو، إلى أن مخاطر الحرب الجديدة والمواجهة لا تصبح أقل و«هي تنطوي كما كان ذلك في عهد الرايخ الثالث، على التسلط والازدراء بالحياة البشرية والتفرد العالمي». غير أن السفارة الأميركية في موسكو نوّهت بأن الرئيس بوتين، بالرغم من أنه «لم يذكر الولايات المتحدة بصريح العبارة، إلا أن بعض المعلقين الغربيين فسّروا كلماته بأنها موجّهة ضد الولايات المتحدة».
ورغم إعلان السفارة الأميركية في 11 أيار تلقيها تأكيدات من الخارجية الروسية تنفي نية مقارنة سياسة واشنطن بسياسة برلين النازية (الرايخ الثالث)، إلا أن السجال الأميركي الروسي آخذ في ازدياد، حيث عمدت الإدارة الأميركية في اليوم نفسه إلى زيادة التوتر مع موسكو، عبر مزيد من التدخل في شؤونها، تولته وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، التي أعربت عن «القلق البالغ» لواشنطن وحلفائها الأوروبيين من السياسة التي ينتهجها الكرملين في السنوات الأخيرة، واعتبرت أن «تجميع السلطات في الكرملين» أدى دوراً هاماً في تدهور الحوار مع روسيا.
وذكرت رايس، خلال جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أن «العلاقات الأميركية ـــ الروسية تعيش أوقاتاً حرجة». إضافة إلى الحديث عن سياسة العصا، التي تلوّح بها رايس للجمهورية السوفياتية السابقة، هناك الجزرة المتمثلة بمدح موسكو على «التعاون المثمر مع الولايات المتحدة بشأن إيران وكوريا».
وبرأي الوزيرة الأميركية، فإن روسيا فعلت الشيء الكثير لتطويع الغرور النووي لبيونغ يانغ وطهران. وأظهرت رايس حنواً خاصاً على مصير الانتخابات البرلمانية والرئاسية في روسيا، وأعربت عن أملها في أن تكون هذه الانتخابات «حرة ونزيهة». ولذلك فليس من المستبعد، إضافة إلى بحث موضوع نشر عناصر منظومة الدفاع الأميركية المضادة للصواريخ في تشيكيا وبولندا، أن تقوم بجس نبض أبرز الطامحين إلى منصب الرئاسة الروسية للمراهنة على واحد منهم. وسيصبح قياس صلاحية هذا المرشح أو ذاك وفقاً للمعايير الأميركية مرتبطاً بمدى تجاوبه مع مطالب البيت الأبيض.
وربما أراد البيت الأبيض الإيحاء بأن ثمن التخلي عن منظومة الدفاع الأميركية والتدخل في شؤون روسيا الداخلية وفي علاقاتها مع جاراتها مرتبط بمدى عمق وجدية تعاون روسيا مع الولايات المتحدة في الموضوعين الإيراني والكوري الشمالي.