غزة ــ رائد لافي
«فتح» تستقدم تعزيزات و«حماس» تستهدف إسرائيل «لتصحيح البوصلة»


لم يفلح اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين «حماس» و«فتح» في وقف حال التدهور الأمني الذي بلغ أمس درجة غير مسبوقة، مع مقتل 15 فلسطينياً، غالبيتهم من الأجهزة الأمنية، في اشتباكات عنيفة، دخل فيها العنصر الإسرائيلي، الذي اتهمته «حماس» بقتل ثمانية من الحرس الرئاسي الفلسطيني، وأطلقت رداً على ذلك صواريخ على سديروت، ما أدى إلى إصابة 5 إسرائيليين، فيما أعلنت قوات الاحتلال اغتيال فلسطيني شرق غزة.
وشهدت مناطق عديدة في غزة اشتباكات دامية بين أنصار «فتح» و«حماس»، عقب مقتل ثمانية من أفراد قوات الأمن الوطني، وإصابة عشرة آخرين، وسط تضارب روايتي الطرفين حول ملابسات مقتلهم، بالقرب من معبر المنطار التجاري (كارني) شرق المدينة.
وقال المتحدث باسم قيادة الأمن الوطني والقيادي في حركة «فتح» توفيق أبو خوصة إن «ميليشيات حماس وقوات الاحتلال شركاء في الجريمة التي استهدفت أفراد الأمن الوطني». وقال إن عدداً كبيراً من مسلحي حركة «حماس» حاصروا موقع الكتيبة الرابعة التابعة للأمن الوطني بالقرب من معبر المنطار، وأمطروه بوابل من النار والقذائف. وأضاف أن عناصر من حركة «حماس» استهدفوا سيارة رباعية الدفع تابعة للأمن الوطني، كانت في طريقها إلى موقع الكتيبة الرابعة، ما أدى إلى انقلاب السيارة، ومن ثم جرى إعدام ثمانية من عناصرها.
وكانت حركة «فتح» قد أشارت في وقت سابق إلى أن عنصرين من الأمن الوطني هربا من القصف الذي تعرض له الموقع من عناصر «حماس»، في اتجاه خط التحديد الفاصل بين قطاع غزة وفلسطين المحتلة عام 48، فاستقبلهما جنود الاحتلال بالنار، فاستشهد أحدهما وأصيب زميله بجروح بالغة.
وحاصرت حركة «حماس» موقع الأمن الوطني، وموقعاً آخر تابعاً لحرس الرئاسة، منذ فجر أمس، عقب اتهامها عناصر من حرس الرئاسة، بقتل القيادي في جناحها العسكري، كتائب الشهيد عز الدين القسام، إبراهيم منية، وإصابة زميل له بجروح خطيرة.
وفي مستشفى في غزة، قال رجل أمن من «فتح»، لتلفزيون «فلسطين»، إنه أصيب في الهجوم، ثم «جاؤوا وأطلقوا النار على المصابين. وتركوني اعتقاداً منهم بأني مت».
وفيما أعلنت «كتائب القسام» براءتها من قتل عناصر الأمن الوطني، توعدت في الوقت نفسه «القتلة المجرمين بالملاحقة والقصاص»، مشيرة إلى أنها «ستتعامل معهم كعملاء للاحتلال الصهيوني».
وقالت «حماس»، في بيان، إن «منية قتله رصاص الأميركيين بيد ما يسمى حرس الرئاسة»، مشيرة بلغة حادة إلى أن «هذه الفئة قد بغت في البلاد وأكثرت فيها الفساد وقرأت صبرنا ضعفاً ولم تدرك مدى وحجم عاصفة الحماس إذا ما هبت».
وقتل يوسف مطير من أفراد جهاز الأمن الوقائي، وأصيب اثنان آخران بجروح متفاوتة، في اشتباكات اندلعت بين مسلحين من الجهاز وحركة «فتح» من جهة، وعناصر من حركة «حماس» من جهة أخرى، في محيط المقر الرئيس لجهاز الأمن الوقائي في حي تل الهوى، جنوب مدينة غزة، بحسب مصادر أمنية. لكن «حماس» قالت إن عناصر «فتح» و«الوقائي» قتلوا بعضهم بعضاً، نتيجة حالة التوتر الشديدة التي يعانون منها.
وفي مؤشر على احتمال تصاعد الاشتباكات، قالت مصادر غربية إن مئات المقاتلين الموالين لـ «فتح» دخلوا إلى غزة من مصر أمس كتعزيزات محتملة في القتال مع أنصار «حماس». وأضافت المصادر، التي تحدثت في إسرائيل وطلبت عدم الكشف عن هويتها، أن معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر فتح لفترة وجيزة لإدخال قوة قوامها 450 جندياً كانوا يتلقون تدريباً متقدماً في مصر. وتابعت أن المعبر فتح بموافقة إسرائيل في اتجاه واحد فقط للسماح بعبور القوة. وفور دخولها غزة أغلق المعبر مرة أخرى.
وأعلنت «كتائب عز الدين القسام» أنها قصفت مساء أمس بلدة سديروت الإسرائيلية بخمسة صواريخ من طراز «قسام» المحلي الصنع «لتصحيح البوصلة التي يريد العابثون حرفها وإشعال الساحة الفلسطينية خدمة للاحتلال الصهيوني».
وقال مصدر عسكري إسرائيلي إن خمسة إسرائيليين أصيبوا بجراح، بينهم امرأة وصفت جراحها بالخطرة في سديروت. وأغارت الطائرات الإسرائيلة بعد ذلك على بيت حانون، وأطلقت صواريخ على مواقع، قالت إن الصواريخ أطلقت منها.
وفي مساعي التهدئة، قال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية إن جهوداً تبذلها مصر والسعودية مع قيادة حركتي «فتح» و«حماس» لتحكيم صوت العقل والحكمة وضرورة الحفاظ على ما أُنجز في مكة من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
وشدّد هنية، في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية التركي عبد الله غول، على أن الحكومة والرئاسة والمستويات السياسية المختلفة في البلاد تتحرك جميعها لوضع حدٍّ لحالة الاقتتال و«العمل على رص الصف الفلسطيني وتفويت الفرصة على الاحتلال الذي لا تغيب مؤامرته عما يجري على الساحة الفلسطينية».


خيمت الأحداث الدامية في قطاع غزة على الفعاليات التي يقيمها فلسطينيو الضفة الغربية لإحياء الذكرى التاسعة والخمسين للنكبة. فقد تجمع نحو ثلاثة آلاف فلسطيني وسط مدينة رام الله، وقد حمل عدد كبير منهم لافتات تحمل أسماء القرى والمدن التي هُجِّر آباؤهم منها في عام 1948، كما رفعوا الأعلام الفلسطينية، ولافتات تقول «حق العودة حق مقدس لا يسقط بالتقادم»