strong>مدينة أشباح يسيطر عليها القنّاصون
تثير ظاهرة القناصة، التي انبثقت من الاقتتال الداخلي الفلسطيني، الرعب في نفوس المواطنين في غزة، ولا سيما أن هؤلاء القناصة يفرضون ما يشبه حظر تجوّل على المدينة منذ بداية المعارك الداخلية قبل أربعة أيام.
ويتمركز القناصة من أفراد حركة «حماس» والأجهزة الأمنية على الأبنية العالية وخلف التلال الرملية، أو على حواجز عسكرية انتشرت في كل الطرق والشوارع.
وقالت أم محمد (40 عاما): «نعيش في مدينة أشباح، مدينة موت، لا يستطيع أحد أن يطل من الشرفة أو أن يقف في مقابل النافذة أو الباب لأنه يتعرض لإطلاق النار العشوائي من القناصة الذين يعتلون الأبراج».
وتابعت المرأة، وهي أم لستة أولاد تسكن في منطقة تل الهوا الساحلية جنوب غزة: «كنا نعتقد أنها منطقة آمنة. إننا في حظر تجول بقوة السلاح. لم يكن الوضع هكذا في عهد الاحتلال الإسرائيلي». وأضافت ان «الخروج غير مسموح حتى للأطفال والنساء. الوضع اليوم أسوأ أكثر من أي وقت مضى، وأطفالنا لم يناموا حتى هذه اللحظة».
وأشارت أم محمد إلى أن الأطفال «في وضع نفسي سيئ. يبكون. ونعيش جو توتر وخوف ورعب. نريد الخروج من المنزل واللجوء إلى منطقة أكثر أماناً، لكن إذا خرجنا فممكن أن نموت جميعاً».
وروى ابنها محمد (14 عاماً) أنه تعرض لإطلاق النار. وقال: «كنت أقف اليوم قرب النافذة. أحد القناصة صوب سلاحه تجاهي وركضت نحو والدي».
وخلت الشوارع في غزة من المارة، وانتشر فيها المسلحون. وأغلقت جميع المرافق، وخصوصاً المدارس والجامعات والمؤسسات الرسمية والخاصة. كما علقت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأنروا) أعمالها في قطاع غزة لخطورة الوضع الامني، وحرصاً على حياة موظفيها.
وقال أبو صفوت (45 عاما): «إن الأطفال يصرخون ويبكون ولا أستطيع فعل شيء. حتى عندما خرجنا لنسعف بعض الجرحى أطلقوا علينا النار».
وقال حسين عبد العال، الذي خرج من منزله في شارع عمر المختار في غزة لشراء مواد تموينية: «ما يحدث جنون، حياتنا أصيبت بالشلل، نحن خائفون حتى في منازلنا، لا نسمع إلا أصوات الانفجارات وإطلاق النار».
وقال المواطن حسن حمود: «ما يحدث في غزة لا يختلف عما يجري في العراق، بل أنا لا أستبعد أن يتكرر الأمر هنا، فقدنا الأمن، أين القيم أين الدين، يا لعارك يا غزة».
أما محمد الأسطل، وهو تاجر من جنوب قطاع، فيتساءل بغضب: «إلى أين نحن ذاهبون؟ ماذا يجري؟ ومن هو المستفيد؟». وأضاف: «هل يريدون أن نتحول إلى عراق وصومال جديدين؟». وتابع بمرارة: «أفيقوا. فلا منتصر في هذه المعارك، المنتصر فيكم مهزوم».
ولم يستطع عدد كبير من الأطباء الوصول إلى المستشفيات التي وجهت نداءات عديدة للتبرع بالدم. وقال المدير العام للطوارئ والإسعاف الطبيب معاوية حسنين: «هناك معوقات كثيرة في العمل»، موضحاً أنه «يتم إيقاف السيارات وتفتيشها على الحواجز من العناصر المسلحة في الشوارع، وأيضاً إطلاق النار على سيارات الإسعاف».
وأضاف: «نحن بحاجة ماسة لتوفير الحماية والأمن للطواقم الطبية ولسيارات الأسعاف وحرية الحركة، وبحاجة ماسة إلى التبرع بالدم لإنقاذ حياة ما يزيد على مئة جريح».
(أ ف ب، يو بي آي)