باريس ــ الأخبار
عهد رئاسيّ جديد بدأ في فرنسا، أمس، مع تولّي نيكولا ساركوزي رسمياً الكرسي السياسي الأرفع في البلاد. كانت مراسم التنصيب هزيلة، بمعنى المشاركة الشعبيّة، لكنّ الخارق كان الدخول الاستعراضي لزوجة الرئيس الجديد سيسيليا على السجاد الأحمر إلى الإليزيه. دخول شُبّه بكاريزما جاكلين كينيدي، زوجة الرئيس الأميركي الراحل جون أف كينيدي، ولعلّه زكّى نظريّة «الصبغة الأميركيّة» التي ستطبع السنوات الخمس المقبلة ... أو أكثر

بضع قطرات من المطر بلّلت شوارع باريس في يوم تنصيب الرئيس الثالث والعشرين لفرنسا أمس. لم تشهد الشانزيليزيه حشوداً غفيرة، وكانت إجراءات الأمن شديدة جداً في مختلف شوارع العاصمة، إذ إن «الضيف الثقيل» على الاحتفال كان تهديدات تنظيم «القاعدة» لفرنسا، أوّل من أمس، بسبب اختيارها لهذا الرئيس.
قبل الساعة التاسعة صباحاً، تجمهر بعض الفضوليين أمام مدخل الإليزيه، معظمهم من السياح وبعض المتقاعدين ومحبي ساركوزي أو المتعلقين بالرئيس السابق جاك شيراك، فعطلة الأربعاء التصقت بعطلة خميس الصعود الطويلة، ما شجع الباريسيّين على هجرة المدينة إلى الريف.
في داخل باحة قصر الإليزيه، بُسطت السجادة الحمراء لاستقبال مدعوّي الشرف، بينما «حُشرت الصحافة» في جانب والحرس الجمهوري في الجانب الآخر.
ثلاث دقائق قبل وصول الرئيس الجديد، طلّت عائلته: زوجته سيسيليا وبناتها وأبناؤه والصغير «لوي». صاح المصوّرون «من هنا! انظروا إلى هنا». وقفت العائلة في وسط السجادة الحمراء لدقيقة ونيف. صرخ صحافي «مهرجان كان!» فضحك الجميع وابتسمت سيسيليا، ثمّ علا صوت أنثوي يعلّق على ثياب السيدة الأولى الأنيقة: «جاكلين كينيدي دخلت الإليزيه».
في تمام الساعة الحادية عشرة، وصل الرئيس المنتخب واستقبله شيراك على درج الإليزيه ليختلي معه نصف ساعة ويسلّمه «رقم المفتاح النووي»، قبل أن يعود ويودّعه. وبحسب تقاليد الجمهورية، رافقه ساركوزي حتى باب سيارته، وانتظر حتى يخرج من باب القصر. وقبل أن يستقلّ شيراك السيارة، علت بعض الهتافات «عاش شيراك» «شكراً أيها الرئيس».
عهد جديد بدأه ساركوزي وهو يعود رويداً رويداً إلى داخل القصر. لكن في مكتب مطل على مكان وصوله وخروج شيراك، وقفت ابنة الأخير ومستشارته الإعلامية، كلود، تشعل سيجارة تلو الأخرى وتحاول التخفيف عن بعض الموظفات. قالت لصحافي فرنسي إنّها «حضرت منذ الساعة السابعة صباحاً» وحاولت أن تبدو مترابطة الأعصاب، وهي تقول إنها «غيّرت رقم هاتفها». في اللحظة التي سمعت فيها هدير السيارة تغطيه الهتافات وجوقة الشرف، اقتربت من النافذة لتلقي نظرة أخيرة على والدها وهو يتلقى التحية العسكرية والتفتت نحو الحائط، إلّا أن الجميع شاهدها تمسح دمعة من عينها.