غزة ــ رائد لافيرام الله ــ الأخبار
القاهرة ــ خالد محمود رمضان

دخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي طرفاً ثالثاً في الأزمة الداخلية الفلسطينية، عبر تكثيف هجماتها الجوية ضد مواقع وعناصر «حماس» والقوة التنفيذية، ما أدى إلى سقوط خمسة شهداء، وهو ما اعتبرته الحركة الفلسطينية «عدواناً مشتركاً» عليها من جانب إسرائيل و«فتح»، فيما أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس إرجاء زيارته إلى غزة «لوجود خطر على حياته»

شنّ الطيران الإسرائيلي أمس سلسلة غارات جوية استهدفت نشطاء في «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، ومواقع للقوة التنفيذية في مدينة غزة.
ونجا القيادي في «كتائب القسام» عماد شبانة من إحداها، فيما استشهد أحد مرافقيه، عندما استهدف الطيران الإسرائيلي السيارة التي كانا يستقلانها في شارع الجلاء في مدينة غزة.
واستشهد الشاب طلعت هنية، أحد مرافقي المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد أبو هلال، وأصيب آخرون، في قصف إسرائيلي استهدف منزل أبو هلال في شارع الجلاء.
وكان الشاب عبد الله الغفري، أحد عناصر القوة التنفيذية، قد استشهد، وأصيب نحو 30 آخرين، بينهم عدد من الأطفال والمدنيين، عندما أطلق الطيران الإسرائيلي صاروخاً على موقع الأمن والحماية التابع للقوة التنفيذية في حي الرمال في مدينة غزة، ودمرته بالكامل. ونجت مجموعة من مقاومي «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، من قصف جوي اسرائيلي، استهدف سيارتهم شرق مخيم جباليا للاجئين، شمال القطاع. كما قصف الطيران الإسرائيلي موقعاً لـ«كتائب القسام» في مخيم جباليا، من دون وقوع اصابات. كذلك، استشهد يوسف سليمان اللولحي (18 عاماً)، ومحمد سليمان اللولحي (17 عاماً)، واصيب والدهما وثلاثة من أشقائهما بجروح في غارة على رفح.
وأعاد الجيش الإسرائيلي أمس نشر مدافع من عيار 155 ميلليمتراً قبالة قطاع غزة، فيما توغلت دبابات لمئات الأمتار في شرق القطاع، وسط أنباء عن احتلال مواقع مستوطنات سابقة.
وقال المتحدث باسم القوة التنفيذية، إسلام شهوان، إن «هذا الاستهداف (الإسرائيلي) متناغم مع الاستهداف الداخلي الذي ينتهجه جهاز الأمن الوقائي». وقال إن «هناك تنسيقاً بين الوقائي والاحتلال ضد التنفيذية، لأن هؤلاء الجبناء لا يقدرون على المواجهة واستعانوا ببعضهم، ولدى التنفيذية دلائل على ذلك»، من دون توضيح طبيعة هذه الدلائل.
وشدّد المتحدث باسم «كتائب القسام»، ابو عبيدة، على أن القصف الإسرائيلي يأتي «ضمن حملة مبرمجة داخلية وخارجية ضد كتائب القسام والقوة التنفيذية بهدف استئصال المقاومة». وقال إن «العدو لم يفهم رسائل قصف المستوطنات، ونحن مستعدون لتوجيه رسائل أعنف»، مشيراً إلى أن «كل الخيارات مفتوحة» للرد على الاعتداءات الإسرائيلية بما فيها «العمليات الاستشهادية».
وقالت «حماس»، في بيان لها، «إن استهداف القوة التنفيذية من جانب عناصر القتلة وعمليات الخطف والإعدام تهدف إلى ضرب مصالح شعبنا الفلسطيني المقاوم، وكذلك ما يقوم به الاحتلال الصهيوني». ودعت أنصار الحركة وقادتها إلى ضرورة أخذ أعلى درجات الحيطة والحذر في تنقلاتهم وإقاماتهم، مشيرةً إلى «تحذيرات ساخنة جداً تشير إلى أن العدو الصهيوني، وبالتعاون مع الخونة والمجرمين، يعملون على مراقبة قادتنا وأماكن وجودهم لتنفيذ عمليات اغتيال كبيرة».

وفي هذا الوقت، فشلت حركتا «فتح» و«حماس»، للمرة الخامسة منذ فجر الأحد الماضي، في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار. وامتدت اشتباكات الطرفين إلى مدينة رفح، بعد أربعة أيام من حصرها في مدينة غزة.
وقال الباحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، يوسف إبراهيم، إن ثلاثة قتلى، بينهم امرأة، سقطوا في اشتباكات مسلحة اندلعت في محيط مقر الأمن الوقائي في مدينة رفح، أثناء مسيرة تشييع جثمان عضو حركة «حماس» محمد حسنين.
وقتل ثلاثة فلسطينيين آخرين، في عمليات إطلاق نار واشتباكات متفرقة في مدينة غزة، تبادل الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عنها، في وقت واصلا فيه عمليات الخطف المتبادلة التي طاولت عدداً غير محدوداً من أنصارهما.
وقالت مصادر مصرية لـ«الأخبار» إن رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان وجّه أمس رسالة عاجلة إلى كل من قادة «حماس» و«فتح» طالبهما فيها بوقف كل مظاهر العنف المسلح المتبادلة بينهما وحثهما على وضع السلاح جانباً ومراعاة مصالح الشعب الفلسطيني. ولمّحت الرسالة إلى أن مصر قد توقف مساعيها لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الفلسطينيين ما لم تتوقف «ممارسات الصغار هنا وهناك».
وألغى الرئيس محمود عباس زيارة كانت مقررة إلى القطاع أمس بسبب سوء الأوضاع الأمنية. وقالت مصادر إعلامية مقربة من الرئاسة إن «عباس قرّر عدم التوجه إلى غزة، بناءً على نصائح أمنية تؤكّد وجود تهديدات على حياته»، مشيرة إلى أنه «تم كشف تسجيل صوتي يتحدث عن رصد موكب الرئيس عباس لدى وصوله إلى القطاع»، من دون تحديد الجهة التي تستهدفه.
وفي السياق، كشفت مصادر فلسطينية مطلعة، لـ«الأخبار» أمس، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أجرى خلال الأيام الماضية العديد من الاتصالات مع دول عربية وأوروبية من أجل دعوتها لفك الحصار عن الشعب الفلسطيني والتعامل مع حركة «حماس»، خشية من تصاعد العنف الداخلي خلال إعلانه المرتقب عن بدء التحضير لانتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة. وقالت المصادر إن عباس سيعطي حركة «حماس» الفرصة الأخيرة لتنفيذ بعض مطالبه السياسية.
وفي واشنطن، أشادت الولايات المتحدة بـ«ضبط النفس» الذي أظهرته تل أبيب في ردها على إطلاق صواريخ على جنوب إسرائيل. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك «نريد من كل الأطراف أن تتحلى بضبط النفس». وأضاف «لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وقد أظهرت الكثير من ضبط النفس في مواجهة هذه الهجمات الصاروخية».