حدّدت طهران أمس، يوم 28 من الشهر الجاري موعداً للمباحثات التي ستجرى مع واشنطن على مستوى السفراء في بغداد، مشدّدةً، إلى جانب شرطها المبدئي القاضي بـ «حصر النقاش في الشقّ العراقي فقط»، على وجوب سعي واشنطن إلى «تغيير مقاربتها»
كشف وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي أمس عن «الموعد الثمين» للمحادثات التي ستجرى بين بلاده والولايات المتّحدة في ما عرفت بتسمية «قناة بغداد»، والتي كانت طهران قد أعربت عن استعدادها لها الأحد الماضي بعد سعي أميركي حثيث ووساطة سويسريّة.
وأوضح متّكي، الذي حدّد الموعد في 28 من الشهر الجاري خلال مؤتمر صحافي على هامش اجتماع وزاري لـ «منظمة المؤتمر الإسلامي» في إسلام أباد، أنّ النقاش سيتطرّق لمشكلتين: «الأولى، تتعلّق بعدم الاستقرار الناجم عن الأنشطة الإرهابية. والثاني، باستمرار احتلال العراق»، مشيراً إلى أنّ «المعالجة السليمة للمشكلة تتمثل في دراسة مجالي المصاعب».
وبعدما كان مرشد الجمهورية الإيرانيّة علي خامنئي قد أعرب أوّل من أمس عن نظرته الإيجابيّة للمباحثات، موكّداً أنّها ستذكّر الأميركيين بـ «بواجبهم كقوة احتلال»، أوضح الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أمس، أنّ بلاده مستعدّة لـ «مساعدة» الولايات المتحدة على بسط الأمن في العراق إذا «غيّرت مقاربتها».
وجاء حديث لاريجاني في مؤتمر صحافي مع وزير الدولة العماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبد الله في طهران، حيث أضاف قائلاً إنّ «إيران دولة قوية، ومن الطبيعي أن يصار إلى السعي للحصول على دعمها لإرساء الاستقرار في العراق، فقد قدّمنا دعمنا في إقامة حكومة وطنية، ونحن على استعداد اليوم للمساعدة» في الموضوع الأمني.
في المقابل، أكّد البيت الأبيض الموعد، موضحاً، على لسان المتحدّث باسمه شون ماكورماك، أنّ السفير الأميركي في بغداد ريان كروكر سيرأس الوفد المفاوض، معرباً عن أمل واشنطن في أن تقوم طهران «بخطوات عمليّة تبلور تصريحاتها المناشدة بعراق آمن ومستقر».
وأشار ماكورماك إلى أنّ مندوباً عراقياً قد يشارك في بداية المحادثات، التي أوضح أنها ستكون خاصّة ولن يصدر عنها على الأرجح بيان مشترك.
أما كروكر فرأى، من جهته، أنّ العراق يُظهر، رغم اقترابه من «حافة الهاوية»، مؤشرات إلى قدرته على الوفاء بالمعايير السياسية التي تم تحديدها كخطوات أساسية نحو المصالحة، معرباً عن تفاؤله بانحسار العنف الطائفي.
وتزامن حديث كروكر، مع تقرير أصدره مركز «شاثام هاوس» البريطاني للأبحاث المتعلقة بالعلاقات الدولية، حذّر من أنّ العراق «مهدّد بالانهيار والتفتت»، موضحاً أنّه «لا حرب أهلية أو حركة تمرّد واحدة بين مختلف طوائف عراق اليوم، بل متعدّدة».
ولفت التقرير، الذي وضعه الباحث غاريث ستانسفيلد، إلى أنّ «التقاتل الطائفي والعرقي والصراع على السلطة يهدّد وجود الدولة في شكلها الحالي»، مشيراً إلى أنّه رغم الإجراءات الأمنيّة الأميركيّة الجديدة، المتمثّلة بالخطّة الأمنيّة، فإنّ أنشطة تنظيم «القاعدة» إلى ارتفاع، والدليل هو ارتفاع عدد الجنود الأميركيين القتلى حيث قضى خلال الشهر الماضي وحده 104 قتلى.
وفيما أشار إلى أنّ «لدى إيران والسعودية وتركيا الأسباب كلّها لاستمرار حالة عدم الاستقرار في العراق»، لفت التقرير إلى أنّ الحلّ السياسي يتطلّب مشاركة العرب السنة في الحكومة والاعتراف بالزعيم مقتدى الصدر شريكاً سياسياً شرعياً ومواجهة المشاكل الكردية.
أمّا على صعيد الجدال السياسي في واشنطن حول تمويل القوات، فقد بدا مجلس الشيوخ الأميركي أمس متّفقاً حول ضرورة التروّي في طرح تعديلاته المتعلّقة بإيقاف التمويل بدءاً من 31 آذار المقبل وتحديد جدول للانسحاب، ثمّ تحلّ المسألة بالتشاور مع مجلس النوّاب الذي أقرّ الصيغة الأساسيّة من القانون الأسبوع الماضي.
وهكذا اتّضح أنّ الإجراء الرسمي، الذي تمّ عبر تصويت نالت فيه وجهة النظر المهادنة 94 صوتاً مقابل صوت واحد معارض، شرارة لجولة نقاش جديدة بين الشيوخ والنوّاب والبيت الأبيض.
ميدانيّاً، أعلنت مصادر أمنية عراقية أمس عن مقتل 14 شخصاً على الأقلّ، بينهم ضابطان، في هجمات متفرّقة. وتسلّم مستشفى بعقوبة العام 9 جثث مجهولة الهويّة.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي،
د ب آ، رويترز)